رفع الدعم عن المحروقات: البنزين بـ 180 ألفاً والمازوت بالدولار!

وصلت، أمس، القافلة الأولى من المازوت. واستُقبلت استقبالاً شعبياً لافتاً، أكد الاحتضان الشعبي لخيار كسر الحصار، بعدما تحوّل الناس في الفترة الماضية إلى أسرى للعتَمة وفقدان المحروقات، في ظل خوف مؤسسات الدولة من عقوبات أميركية لا يمكن أن تؤدي إلى أكثر مما يعيشه اللبنانيون من مآسٍ بالجملة فرضتها منظومة الفساد المدعومة أميركياً. الخطوة التالية بعد استيراد المازوت من إيران ستكون استيراد البنزين. لكن حزب الله لم يحدّد بعد آلية توزيع البنزين الإيراني وبيعه، وبأي سعر سيُباع للمستهلكين، وكيفية ضمان عدم تحوّل المحطات التي ستبيع البنزين الإيراني إلى مواقع إضافية للزحمة، في ظل الأزمة الخانقة التي تعانيها السوق اللبنانية. وسيكون الحزب معنياً بتقديم تجربة مختلفة عن تلك التي قدّمتها الدولة ومصرف لبنان والمحتكرون، والتي أدّت إلى إذلال سكان لبنان في الطوابير وفي حجب المحروقات عنهم وإجبار جزء منهم على اللجوء إلى السوق السوداء المزدهرة.

وبالتوازي، بدأ لبنان يقطف ثمار الاتفاق مع العراق. إذ أفرغت أمس شحنة الديزل أويل (31 ألف طن) في دير عمار، على أن يُفرّغ نصفها الآخر غداً في الزهراني. وفي إطار المناقصة الأولى، ستصل أيضاً الأسبوع المقبل شحنة فيول Grade B لزوم معملَي الزوق والجية الجديدين والباخرتين التركيتين. وبحسب الاتفاق الذي أبرم مع الجانب العراقي، يُتوقّع أن تصل شحنتان كل شهر إلى لبنان (بعد استبدال شحنة واحدة من الفيول العراقي)، بما يؤدي عملياً إلى ضمان زيادة التغذية بالكهرباء أربع ساعات يومياً.

وفي إطار تحسين التغذية بالتيار، وتأكيداً على استمرار الزخم المتعلق باستجرار الغاز من مصر، زار السفير المصري ياسر علوي وزير الطاقة وليد فياض. وتناول البحث آلية استقدام الغاز المصري الى لبنان عبر الأردن وسوريا، وذلك بعد الاجتماع الذي عقد في هذا الإطار الأسبوع الماضي في عمان، بين الوزراء المعنيين لكل من مصر والأردن ولبنان. كما تم التطرق الى اجتماع سيعقد في وقت قريب بين وزير البترول والثروة المعدنية المصري وفياض، للإسراع في الإجراءات المطلوبة، لإرساء الاتفاقية التي «تعد بزيادة ساعات التغذية بالكهرباء، كما تخدم المصلحة الوطنية لكلي الطرفين وتعزِز التعاون بين مصر ولبنان».

في المقابل، ستكون باكورة «إنجازات» الحكومة الجديدة رفع الدعم عن المحروقات. وبالرغم من أن وزير الإعلام أعلن أنه لم يتم اتخاذ أي قرار برفع الدعم عن الوقود، إلا أن الوقائع التي تلت جلسة مجلس الوزراء أمس تؤكد أن مساعي تلطيف القرار أو تخفيف وقع الصدمة لا تلغي حقيقة أن قرار رفع الدعم قد اتخذ فعلاً. إذ يتوقع أن يصار اليوم إلى إصدار جدول أسعار يتضمن زيادة سعر صفيحة البنزين من 130 ألف ليرة إلى 180 ألفاً، بما يعني احتساب الدولار على سعر منصة صيرفة، أي نحو 12800 ليرة بدلاً من 8000 ليرة. أما بشأن المازوت، فقد علمت «الأخبار» بأن الجدول لن يتضمن سعراً للمازوت المدعوم، والاكتفاء بتحديد سعر طن المازوت غير المدعوم على (549 دولاراً نقداً). وبعدما كانت المديرة العامة للنفط أورور فغالي قد طلبت من الشركات، منذ أيام، عدم توزيع المحروقات، سيتم السماح بتوزيع البنزين وفق الأسعار الجديدة، بخلاف المازوت، الذي لا يزال قرار عدم توزيعه سارياً.

وأكدت المصادر أنه في حال تخلّي مصرف لبنان عن تأمين الدولارات الخاصة باستيراد المحروقات، قد تتوقف المديرية العامة للنفط عن إصدار جدول أسعار بالليرة، بل تكتفي بتحديد سعر المشتقات النفطية بالدولار! وإذا تحقق ذلك، فستكون سابقة بأن تسعّر الدولة سلعة أساسية بالدولار، على أن يترك أمر تحديد الأسعار للأفراد للتنافس بين التجار، علماً بأن ذلك قد تحقق فعلاً بتسعير المازوت بالدولار حصراً! من جهته، لعب مصرف لبنان لعبة مزدوجة، من خلال تخفيض سعر صرف الدولار إلى ما دون 14 ألفاً، فهو بذلك أراد التخفيف من تداعيات رفع الدعم عن المحروقات، وثانياً أراد لمّ الدولارات من السوق على سعر منخفض، أجبر فيه الناس على سحب مدخراتهم، خوفاً من المزيد من الانخفاض في سعر الدولار، علماً بأن حركة الصرف تأثرت أيضاً بتجفيف مصرف لبنان السوق من العملة الوطنية، ما سمح بالحد من الطلب على الدولار، استغلّه هو لتعزيز موجوداته بالدولار.

مصدرجريدة الأخبار
المادة السابقةوزير الاقتصاد: لن نتساهل من ناحية المراقبة والعقاب مع اي مخالف لأصول التسعير
المقالة القادمةبيان وزاري بأسعار صرف متعدّدة: متى تصبح «إعادة الهيكلة» مقبولة؟