رهان السعودية على السيارات الكهربائية تحت مجهر خسائر لوسيد

سلط تقهقر أعمال لوسيد لتصنيع السيارات الكهربائية الفاخرة في ظل المنافسة الشديدة في هذا المجال الواعد الأضواء على الأهداف الطموحة، التي اعتمدتها السعودية لخوض مغامرة الاستثمار في مجالات ذات عائد مالي مربح.

وعادة ما تُعرض سيارات الشركة الأميركية في مكان بارز خلال المناسبات العامة والمؤتمرات المالية في السعودية لترمز إلى “رؤية 2030″، التي يتبناها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتتكلف المليارات من الدولارات.

ولوسيد من بين أكبر استثمارات صندوق الاستثمارات العامة (صندوق الثروة) في كيانات أميركية مثل أوبر وبرولوجيس لإدارة منشآت التخزين ومنصة أرفيتش التكنولوجية لصناعة الأزياء وشبكة بنترست لنشر الصور.

ويمثل الرهان على لوسيد تحديا للصندوق المكلّف بقيادة خطط الحكومة لخفض اعتمادها على عوائد النفط وتنويع مصادر الدخل في مجالات مختلفة تشمل قطاع السيارات والطاقة النظيفة والتكنولوجيا وغيرها.

وجاء أداء الشركة، التي يملك صندوق الثروة حصة فيها تبلغ 60.46 في المئة، أقل بكثير مما توقعه المحللون مع تراجع إيراداتها بشدة في الربع الأول وتخفيض توقعات الإنتاج لعام 2023.

وأظهرت النتائج، التي أعلنت عنها الشركة الثلاثاء الماضي عن إيرادات بقيمة 149.4 مليون دولار مقارنة مع 56.7 مليون دولار قبل عام، ولكنها أقل من التوقعات عند 209.9 مليون دولار.

وذكرت لوسيد المدرجة في بورصة نيويورك في بيان أن صافي الخسارة للأشهر الثلاثة الأولى بلغ 779.5 مليون دولار، مقابل نحو 604.6 مليون دولار قبل عام.

وباعت الشركة 1406 سيارات في الربع الأول وصنعت 2314 سيارة، وتقول إنها لا تزال تسير نحو إنتاج 10 آلاف مركبة هذا العام.

وقالت شيري هاوس، مديرة الشؤون المالية بالشركة، إن “لوسيد تحوز على سيولة تبلغ 4.1 مليار دولار”، ما يكفي لتمويل أعمالها حتى منتصف 2024.

ويرى محللون أن هذا الأداء قد يكون له تأثير سلبي على الخطط السعودية لتركيز صناعة سيارات كهربائية خاصة بها، والتي تشمل إقامة أول مصنع للوسيد خارج الولايات المتحدة.

ويرأس الأمير محمد مجلس إدارة صندوق الثروة البالغ حجمه 620 مليار دولار. ومن المتوقع أن يساهم بنحو 320 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي عبر شركاته، وسيوفر 1.8 مليون فرصة عمل جديدة بين عامي 2021 و2025.

وقال جاستن ألكسندر، المدير في خليجي إكونوميكس ومحلل أسواق الخليج في غلوبال سورس بارتنرز، لرويترز “لا تزال الخطة من أكثر البنود جرأة في الخطة السعودية”. وأضاف “معظم شركات السيارات الكهربائية الجديدة غير تسلا تكافح”.

ويبدو أن خفض تسلا لأسعار طرزها وزيادة حجم المبيعات كان لهما تأثير، وهي إستراتيجية قال عنها مؤسسها إيلون ماسك إنها “ستضر بالوافدين الجدد” مثل لوسيد وريفيان.

وكانت لوسيد قد خفضت إنتاج وتسليم السيارات خلال الربع الأول أقل مما كانت عليه بالربع السابق، بعدما أثرت تكاليف الاقتراض المرتفعة عقب رفع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) معدلات الفائدة على إنفاق المستهلكين.

وأغلقت أسهم لوسيد، التي سجلت خسائر متراكمة صافية تزيد عن 4.6 مليار دولار منذ الربع الأول من 2020، على انخفاض بمقدار 5.6 في المئة إلى 7.28 دولار الثلاثاء بعد إعلان النتائج.

وكان يجري تداول الأسهم في نطاق 7.24 دولار الأربعاء الماضي. ووفقا لحسابات رويترز، جعل هذا حصة صندوق الثروة السعودية نحو ثمانية مليارات دولار.

وأظهرت نشرة سندات الصندوق أن استثماراته كانت تبلغ نحو 17.4 مليار دولار في منتصف 2022، وقرابة 26 مليار دولار عندما أُدرجت لوسيد بالبورصة في يوليو 2021.

وأثيرت تكهنات في وقت سابق من هذا العام بأن الصندوق سيشتري لوسيد بالكامل، لكن السلطات لم تؤكد أو تنفي ذلك.

ولا تزال السعودية، رغم كل العقبات، ملتزمة بالاستثمار في لوسيد، التي أكدت في عرض خططها للمستثمرين بالربع الأول من هذا العام أن الصندوق استثمر فيها نحو 3.6 مليار دولار منذ 2018.

وفي مارس الماضي، أقرض بنك الخليج الدولي، الذي يملك صندوق الثروة حوالي 97.2 في المئة منه، لوسيد نحو 266 مليون دولار وأقرضها المبلغ نفسه تقريبا في أبريل 2022.

كما قدم صندوق التنمية الصناعية السعودي المملوك للحكومة للشركة قرابة 1.4 مليار دولار في العام الماضي في شكل ائتمانات مالية لدعم نشاطها.

وسبق أن أكد وزير الصناعة بندر الخريف أن إنتاج السيارات النظيفة من الملفات المهمة، التي راعتها الإستراتيجية الوطنية لتطوير القطاع، لأنها من الصناعات المعقدة التي تسهم في تطوير سلاسل الإمداد للعديد من المنتجات.

وأوضح الخريف، الذي يرأس مجلس إدارة صندوق التنمية الصناعية، أن بلده يستهدف إنتاج السيارات لتغطية الطلب المحلي والتصدير عالميا. وقال “نستهدف صناعة أكثر من 300 ألف سيارة سنويا في السعودية بحلول 2030”.

وحتى تثبت دعمها للشركة، اتفقت الحكومة مع لوسيد على شراء ما يصل إلى 100 ألف من سياراتها خلال العقد المقبل.

وبدأت الشركة في مايو الماضي بأعمال بناء مصنع لها في الوادي الصناعي بمدينة الملك عبدالله الاقتصادية بالقرب من مدينة جدة، تبلغ تكلفته 3.4 مليار دولار، وسيتيح إنتاج 155 ألف سيارة سنويا حينما يبدأ الإنتاج فعليا في 2026.

وقالت في عرض نتائجها إن “من المتوقع أن تبدأ عمليات إعادة التجميع في مصنعها بالسعودية في سبتمبر المقبل”.

وسيقوم المصنع بإنتاج أربعة أنواع مختلفة من السيارات الكهربائية ابتداء من عام 2023، وسيصل المصنع إلى طاقته الاستيعابية الكاملة في عام 2028.

وقال دييغو لوبيز، العضو المنتدب المسؤول عن خطط إقامة شركة سعودية جديدة للسيارات الكهربائية في غلوبال أس.دبليو.أف، “بدلا من التركيز على النتائج قصيرة المدى، سيعتمد مستقبل حصة الصندوق في لوسيد على خطط بناء مصنع للشركة في السعودية”.

وأشار أيضا إلى أن الإستراتيجية ستعتمد على الاندماج المحتمل للشركة مع سير، وهو مشروع مشترك مع فوكسكون، مورد أجهزة أبل، أُعلن عنه في نوفمبر الماضي، ويهدف إلى جذب أكثر من 150 مليون دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر.

وسيوفر سير 30 ألف فرصة عمل، والمساهمة بثمانية مليارات دولار في الناتج المحلي الإجمالي للسعودية بحلول عام 2034.

 

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةديزني تواجه مفارقة تقلص الخسائر وفقدان المشتركين
المقالة القادمةزيادة الدولار الجمركي وتمديد عقوبات قيصر يهويان بالليرة السورية