تسارع انحدار العملة السورية إلى مستوى غير مسبوق أمام العملة الأميركية عقب تمديد الولايات المتحدة العقوبات على دمشق، وقيام السلطات النقدية بزيادة الدولار الجمركي.
وأظهرت منصات عالمية لتتبع صرف العملات ومتعاملون في السوق المحلية أن قيمة الليرة انخفضت إلى أدنى مستوى لها مسجّلة رقما قياسيا بلغ 9 آلاف ليرة مقابل الدولار في تداولات الأربعاء الماضي بالسوق السوداء.
وخلال السنوات القليلة الماضية تهاوت الثقة بالعملة السورية التي تراجعت في السوق الموازية من نحو 6800 ليرة مقابل الدولار منذ مطلع العام الجاري إلى مستواها الحالي وسط ارتفاعات قياسية جديدة في أسعار السلع.
وزاد سعر صرف الدولار مقابل الليرة في العاصمة السورية بمقدار 300 ليرة، أي بنسبة تقارب 3.39 في المئة، واستقر عند سعر شراء يبلغ 9050، أما سعر البيع فقد بلغ 9150 ليرة. أما البنك المركزي السوري فقد حافظ في نشراته على سعر صرف ثابت بلغ 7500 ليرة مقابل الدولار، وهو السعر الذي حدده الأحد الماضي.
ويقول خبراء إن الليرة السورية تراجعت منذ بداية هذا العام بواقع 124 في المئة على أساس سنوي، بينما تراجعت بنسبة 16 في المئة على أساس شهري.
ويؤكد محللو أسواق المال استنادا على تحرك قيمة العملة منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية ضد حكم الرئيس بشار الأسد في 2011، أن الليرة فقدت أكثر 34 ضعفا من قيمتها أمام العملة الأميركية، بعد أن كان سعر الدولار بمتوسط خمسين ليرة.
وتزامن التدهور الجديد للعملة مع قرار المركزي الأربعاء الماضي زيادة سعر الدولار الجمركي من أربعة آلاف ليرة إلى 6500 للدولار الواحد، بنسبة 62.5 في المئة تقريبا.
كما أنه يأتي بعد يومين من قرار البيت الأبيض تمديد العقوبات الأميركية على دمشق المعروفة بـ”قانون قيصر”، والتي يتوقع أن تزيد من خنق الاقتصاد المشلول الذي يحاول إيجاد متنفس في الشرق الأوسط مع عودة العلاقات الدبلوماسية بين الدول العربية وسوريا.
ومرت الليرة بأسوأ فتراتها منذ تفجر الأزمة قبل 12 عاما، ونتيجة أسباب أخرى مرتبطة بإحكام منع تهريب النقد الأجنبي من لبنان، مصدر الدولار الرئيس في سوريا، عبر حدود البلدين.
وأدت أزمة السيولة النقدية والاضطرابات في لبنان إلى انقطاع تدفق الدولارات إلى دمشق، في الوقت الذي تلاشت فيه قدرة إيران المختنقة بالعقوبات الأميركية على مد يد المساعدة.
ومنذ نهاية العام الماضي، بدأ تدهور الليرة بشكل كبير ما دفع البنك المركزي إلى خفض سعر الصرف الرسمي لتتساوى مع قيمتها في السوق السوداء في فبراير الماضي.
ومع انخفاض قيمة الليرة انخفضت قيمة معدل الأجور في مناطق النظام لتصل إلى 15 دولارا شهرياً. وتعيش المناطق الخاضعة لسيطرة دمشق أزمة اقتصادية حادة تتمثل بنقص في مشتقات النفط وارتفاع معدلات الفقر إلى 90 في المئة، وتوقف الإنتاج والصناعة، وعدم القدرة على توفير الكهرباء إلا لساعات قليلة.
وتشكل هذه العوامل مع اتساع خارطة البطالة دليلا ملموسا على أن الاقتصاد منهك في ظل تقلّص المداخيل والإيرادات وانخفاض احتياطي النقد الأجنبي الذي لا يتجاوز المليار دولار.