زيادة ساعات التغذية الكهربائية: “هدايا” لمناطق وتمييز بين اللبنانيين

انهارت ساعات التغذية بالتيار الكهربائي من نحو 12 ساعة بالحد الأدنى، في أغلب المناطق، إلى نحو ساعتين في أحسن الأحوال. وعلى مدى نحو 4 سنوات، تسبَّبَ نقص التمويل بالدولار بعدم القدرة على إعادة التغذية إلى ما كانت عليه. إلاّ أن المحاولات تسير عبر “خطة الطوارىء الوطنية لقطاع الكهرباء”. وتنطلق المحاولات من إزالة التعديات على الشبكة بالتنسيق مع القوى الأمنية.

وحسب بيانات المؤسسة، الحملة مستمرة لكن ببطء، ووفق الإمكانيات المتاحة.

لكن رغم الجهود والساعات الإضافية التي تُقَدَّم للمشتركين كهدية مقابل التزامهم بدفع الرسوم وعدم التعدّي على الشبكة، ينطوي الأمر على شروط وتمييز خلافاً للقانون.

هدية للمناطق الملتزمة

كشفت مؤسسة كهرباء لبنان على مخارج إضافية من ضمن 216 مخرجاً تشملهم المرحلة الأولى من عملية نزع التعديات على مخارج التوتّر المنخفض، وعددها الإجمالي 800 مخرج. وبمؤازرة القوى الأمنية، أعلنت المؤسسة في بيانها يوم الإثنين 25 أيلول، أنه بعد الكشف على مخارج “شمعون – حناوي – ساسين – حايك – عازوري – جوبيتير – كتائب – نبيل – سوكلين – تاباك – مجلي – مياسي – فهد”، تبيَّن أن نسبة المخالفات “أقل من 10 بالمئة”. ولذلك، سيتم زيادة ساعات التغذية بمعدّل ساعتين إضافيّتين يومياً للمناطق التي تتغذّى من تلك المخارج، وهي “الأشرفية – الحكمة – الرميل – المدور – الجميزة – الباشورا – الكرنتينا – النهر – المنارة – راس بيروت – الكومودور”. على أن تبدأ الزيادة اعتباراً من مطلع تشرين الأول، يوم الأحد المقبل.

تضاف هذه الزيادة، وفق المؤسسة، إلى الساعات الستّة التي تنعم بها بعض أجزاء تلك المناطق حالياً، ومناطق أخرى شملتها عملية نزع التعديات في شهر أيار الماضي. علماً أن الحملة بدأت في شهر آذار المنصرم. وعليه، فإن ساعات التغذية سترتفع إلى 8 ساعات، لكنها لن تزيد عن ذلك “حتى في حال زيادة عدد ساعات التغذية عموماً لاحقاً”. كما ستكون هذه المناطق معرّضة لانقطاع الكهرباء كلياً “في حال حصول انقطاع شامل (Blackout) على كامل الأراضي اللبنانية، بسبب عدم ثبات الشبكة الكهربائية الوطنية نتيجة محدودية القدرة الإنتاجية”.

عدم المساواة بين المشتركين

ساعات التغذية الإضافية مطلوبة من قِبَل كل المشتركين. وإزالة التعديات على الشبكة هو حقّ للمؤسسة. لكن عملية الربط بين إزالة التعديات وزيادة التغذية، وإن كان ينطوي على تحسين الخدمة وإحقاق عدالة للمؤسسة، إلاّ أنه يحمل في طيّاته عدم مساواة بين المشتركين وبين المناطق. فالخدمات العامة تُعطى بشكل متوازن ومتساوٍ بين كل المناطق وكل المشتركين، أمّا لجوء البعض إلى مخالفة القانون، فلا يُسقِط حق الملتزمين بالانتفاع من الخدمات “فهناك مَن يدفع فواتير الكهرباء بشكل منتظم، ولا يعتدي على الشبكة، لكنه يسكن في منطقة تكثر فيها التعديات وعدم دفع الفواتير من قِبَل مشتركين آخرين. وبالتالي، فإن مؤسسة كهرباء لبنان، تحرم المشترك الملتزم، من زيادة ساعات التغذية، بسبب غير الملتزمين، وبسبب عدم قدرتها هي على قمع المخالفات، رغم وجود مؤازرة من القوى الأمنية”، وفق ما يقوله المدير العام السابق للاستثمار في وزارة الطاقة، غسان بيضون، الذي لم يستسغ في حديث لـ”المدن”، الربط بين إزالة التعديات وزيادة التغذية، إذ “فيها ظلم للمشترك الملتزم بمتوجّباته، وكأنه يدفع ثمن التزامه”.

في المسألة “إخفاء لعجز المؤسسة عن القيام بواجبها”. فالمؤسسة وصيّة على شركات مقدّمي الخدمات المناط بها، منذ العام 2012، إزالة التعديات، ولم تفلح بذلك رغم مساندتها من القوى الأمنية والأحزاب. ولا يرى بيضون في نتائج هذه الحملة إلا “تكريس للواقع وتكرار للأسطوانة نفسها”. ويعتبر أن “هناك معلومات لا تفصح عنها المؤسسة بشكل كامل ومفيد”. ومن ضمن المعلومات، عدم مصارحة المشتركين بأن عدم ثبات الشبكة الكهربائية، والذي يؤدي إلى الانقطاع الشامل، يكون أيضاً بسبب التوزيع غير المتوازن للكهرباء، بالإضافة إلى عدم إنتاج كميات كافية لتوزيعها على الشبكة. كما أن عدم التوازن هو نتيجة عدم العمل بغرف التحكّم بتوزيع التغذية، بشكل صحيح.

التمييز في توزيع التغذية ليس حدثاً طارئاً، بل سَبَقَ الأزمة الراهنة، لكنه لم يكن ذا أهمية قصوى لأنه أحوال البلاد وسكانها كانت كفيلة بعدم اعتبارها أزمة كبرى. لكن اليوم، فواتير المولّدات الخاصة باتت خيالية، ورسوم كهرباء لبنان لقاء خدمة غير موجودة، باتت ثقيلة على جيوب اللبنانيين، ما استدعى الالتفات لها ورفض التمييز. علماً أن ساعات التغذية الإضافية لا تُتَرجَم بالضرورة على أرض الواقع، إذ تتفاوت التغذية بين ساعتين إلى ست ساعات، ما يعيد الأضواء إلى التلاعب بالتوزيع في غرف التحكّم.

مصدرالمدن - خضر حسان
المادة السابقةرواتب القطاع العام بالدولار: لخدمة السياسة النقديّة
المقالة القادمةدولة الفراغ تتمدّد وتُهدّد التعافي الاقتصادي