سامسونغ تنفرد بعيدا عن المنافسين وتطرق باب تقنيات 6 جي

تركت مجموعة سامسونغ الكورية الجنوبية العملاقة منافسيها في “مصيدة التسلل” بعد أن كشفت رؤيتَها لتطوير تقنيات الجيل السادس (6 جي) في خطوة استباقية تقطع الطريق على مجموعة هواوي الصينية وشركة أبل الأميركية، في وقت لا تزال فيه نيران منافسة 5 جي في أوجها.

عرضت مجموعة سامسونغ الكورية الجنوبية مؤخرا رؤيتها لتطوير تقنيات الجيل السادس وخاصة توظيفها في مجال صناعة الهواتف الذكية ما يجعلها تنفرد بعيدا عن منافسيها وتتوج بفرصة الطرق الأول لباب تكنولوجيات 6 جي، ما يشعل لهيب المنافسة داخل وادي السيليكون.

في خضم انتشار شبكات الجيل الخامس الخلوية في المراحل المبكرة من تطبيقها حالياً، فإن النسخة التي تعد الأكثر شيوعا من خدمة الجيل الخامس هي الشبكات غير المستقلة، أي المبنية بالاعتماد على بنية تحتية موجودة سابقا.

وما زال أمام شبكات الجيل الخامس المستقلة، أي المبنية بالاعتماد كليا على بنية تحتية مخصصة لها، طريق طويل قبل أن يتم إنجازها، غير أن عالم الاتصالات لا يتوقف.

ولهذا وفي انتظار انتشار شبكات الجيل الخامس عبر العالم قررت سامسونغ أن تضع شبكات الجيل الجديد السادس نصب عينيها منذ الآن، ونشرت منذ مدة تقريرها الخاص حول شبكات الجيل السادس.

وتدرك سامسونغ أن الطريق طويل للغاية، ووفقاً لسونهيون تشوي، مدير مركز أبحاث الاتصالات المتقدمة في سامسونغ، فإن الاستعداد للجيل السادس منذ الآن ليس سابقاً لأوانه؛ لأن الانتقال من مرحلة الأبحاث إلى مرحلة الاستثمار التجاري لجيل جديد من تكنولوجيا الاتصالات يستغرق عادة حوالي 10 سنوات. ولهذا، يتوقع مسؤولو سامسونغ أن تُعرف معايير الجيل الجديد في 2028، ويبدأ استثماره التجاري في 2030. ولكن، ماذا يقدم الجيل السادس؟

ثلاث خدمات أساسية

قالت الشركة الكورية العملاقة في مجال الهواتف الذكية إنه ستكون هناك ثلاث خدمات أساسية في الجيل السادس وهي الواقع الاندماجي الموسَّع إكس.أر، والهولوغرام الخلوي عالي الدقة، والنسخ الرقمية المطابقة.

ونشرت سامسونغ التفاصيل بخصوص هذه الرؤية حيث ترى أن الانتقال من الجيل الخامس إلى الجيل السادس سيتيح تحقيق تحسينات واضحة على صعيد كل من السرعة والتأخير والوثوقية.

وتقول إنه على الرغم من أن الجيل الخامس مصمم لتحقيق معدل نقل بيانات بذروة 20 ميغابايت في الثانية، إلا أن هدفها التالي هو تحقيق ذروة تصل إلى 1 ميغابايت في الثانية، ومعدل نقل بيانات مباشر للمستخدم بقيمة 16 ميغابايت في الثانية.

وتعتقد سامسونغ أيضا أن التأخير الزمني للمستخدم سيكون أقل من 10 ميلي ثانية، والتأخير الزمني للنقل اللاسلكي سيكون أقل من 100 ميكرو ثانية، والذي يبلغ في الجيل الخامس 1 ميلي ثانية.

وإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن نشهد تحسناً بمقدار عشرة أضعاف في الوثوقية بالنسبة إلى الخدمات التي تتأثر بالتأخير الزمني، مثل إجراء العمليات الجراحية عن بعد والاستجابة للطوارئ، مقارنة بشبكات الجيل الخامس.

أغراض استخدام 6 جي

مقارنة بين الجيل الخامس (رمادي) والجيل السادس (أزرق)، حيث يُفترض بالجيل السادس أن يتفوق على الجيل الخامس من جميع النواحي، تلعب أنظمة الصيانة الآلية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي دوراً هاماً في التطبيق التقني، وذلك وفقاً لسامسونغ.

وبحثت الشركة الكورية الجنوبية العديد من حالات استخدام هذه التكنولوجيا، وأولى هذه الحالات هي الواقع الاندماجي الفعلي الموسع الذي يجمع بين أنواع الواقع الثلاثة وهي المعزز والافتراضي والمختلط.

وييؤكد المسؤولون في سامسونغ أن بث الواقع المعزز في شاشة بدقة 8 كا يتطلب حالياً سرعة نقل بمقدار 55.3 ميغابايت في الثانية، وتؤكد أن الواقع المعزز “فعلي الاندماج” يتطلب سرعات تقارب 0.44 ميغابايت في الثانية.

وتقول الشركة أيضاً إن بث الواقع الافتراضي بدقة 16 كا يتطلب سرعات على الوصلة الهابطة تقارب 0.9 ميغا بايت في الثانية، وتضيف أن وصلات الجيل الخامس الحالية لا يمكن أن تؤمن هذه السرعة.

واقترحت سامسونغ استخدام تقنيات أخريين للجيل السادس، وهما الهولوغرام عالي الدقة والنسخ الرقمية المطابقة أو التوائم الرقمية لبناء نسخ رقمية للأشخاص والأجهزة والأماكن وغير ذلك. ووفقاً للشركة، يحتاج الهولوغرام عالي الدقة بالحجم البشري إلى سرعات من رتبة عدة تيرابتات في الثانية.

ويمثل تأسيس وصيانة شبكات الاتصال عملاً مكلفاً للشركات الخلوية. ويمكن أن يقوم الذكاء الاصطناعي بتخفيض تكاليف الاستثمار والتشغيل إلى حد كبير في شبكات الجيل السادس، وذلك مثلاً عن طريق تخفيض استهلاك الطاقة أو توقع مشاكل الشبكة وإطلاق عملية الإصلاح آلياً.

ومن الأهمية القصوى بمكان أن يأخذ تصميمُ شبكة الجيل السادس الذكاءَ الاصطناعي بعين الاعتبار منذ البداية، كما تقول الشركة إن هناك كميات هائلة من البيانات التي تخص مئات المليارات من الآلات المتصلة والأشخاص المتصلين، ويجب جمعها واستخدامها ضمن أنظمة الجيل السادس.

ويقول باحثو سامسونغ إنه توجد فجوة في التوقعات ما بين تكنولوجيا الواقع الموسع الموعودة، وتحديداً ما نراه في أفلام الخيال العلمي من حيث الإسقاط المجسم للمحتوى، وواجهات التحكم باستخدام تجهيزات ذات حجم سهل الاستخدام، وقدرات العتاد الصلب المحدودة من حيث سرعة المعالجة وطاقة البطارية لتكنولوجيا الهواتف الخلوية الحالية، وأن هذه الفجوة كفيلة بالمساعدة على تحقيق انتشار كبير لتكنولوجيا الواقع الموسع.

وفقاً لسامسونغ، فإن معيار الجيل الخامس المقبل لا يقدم سرعات كافية لتحقيق “واقع موسع فعلي الاندماج”؛ ذلك أن إسقاط الواقع المعزز بجودة عالية باستخدام 16 مليون بيكسل يتطلب على الأقل سرعة قدرها 0.44 ميغا بايت في الثانية، كما أن بث الواقع الافتراضي بدقة 16 كا ومعدل ضغط يعادل 1/400 يتطلب سرعة تقريبية قدرها 0.9 ميغا بايت في الثانية.

ويُفترض أن يتمكن الجيل السادس من حل جميع هذه المشاكل عبر الإنترنت عالية السرعة، ونقل استطاعة الحوسبة المحلية إلى السحابة الإلكترونية التي تتمتع بقدرات أعلى بكثير.

ويُفترض أيضا أن تتمكن شبكات الجيل السادس من تحقيق وعود الخيال العلمي حول الواقع الافتراضي والمعزز. إضافة إلى ذلك، يعتقد باحثو سامسونغ في إمكانية تحقيق اتصالات هاتفية باستخدام هولوغرامات مجسمة وتوائم رقمية عالية الدقة.

وحسب الشركة الكورية سامسونغ، سيصبح بالإمكان بث الهولوغرامات ثلاثية الأبعاد إلى الأجهزة المحمولة في شبكات الجيل السادس، وذلك بفضل عمليات الرسم السحابية السريعة للمجسمات. يُعرّف الباحثون الهولوغرام بأنه تكنولوجيا وسائط قادرة على عرض الإيماءات والتعابير الوجهية للشخص في فضاء ثلاثي الأبعاد باستخدام وسيلة عرض هولوغرامية.

استنساخ الواقع

إن بث هذه الصور البشرية المجسمة بدقة عالية في الزمن الحقيقي يتطلب مئات الأضعاف من سرعة شبكات الجيل الخامس، حيث يحتاج بث صورة هولوغرامية على شاشة خلوية بقياس 6.7 إنش (17 سنتيمتراً) وبدقة حوالي 11 ميغابيكسل إلى سرعة قدرها 0.58 تيرابت في الثانية على الأقل. أما نقل هولوغرامات بشرية بالحجم الطبيعي فيتطلب سرعة تبلغ عدة تيرابتات في الثانية. من ناحية أخرى، فإن شبكات الجيل الخامس تصل إلى ذروة أدائها عند سرعة 20 غيغا بايت في الثانية فقط.

أما في السيناريو الثالث لتطبيقات الجيل السادس، فيصف باحثو سامسونغ التوائم الرقمية التفاعلية للبيئات والأجسام والأشخاص، التي يتم ترسيمها رقمياً باستخدام الذكاء الاصطناعي ونقلها إلى عالم من الواقع الافتراضي أو وسيلة عرض هولوغرامية باستخدام الجيل السادس.

ويمكن نقل الأفعال في البيئة الافتراضية إلى الواقع عن طريق مزامنة أفعالك على التوأم الرقمي مع روبوت حقيقي على سبيل المثال، ويعمل الذكاء الاصطناعي على تحديث التوأم الرقمي وتطبيق التغييرات التي تطرأ بصورة تلقائية.

وتقول سامسونغ إن التحديات التقنية في هذا العمل كبيرة؛ ذلك أن المتر المربع الواحد من النسخة الرقمية يحتاج تقريباً إلى 1 تيرا بيكسل، ويجب نقل هذه البيكسلات بسرعة قدرها 0.8 تيرابت في الثانية بمعدل ضغط 300/1 وفترة تزامن تعادل 100 ميلي ثانية.

من الواضح أن إنجاز شبكات الجيل السادس ما زال أمراً بعيد المنال، وهناك عدد كبير من الشركات الأخرى مثل إريكسون وهواوي وشاومي التي تعمل على هذه التكنولوجيا بشكل أو بآخر، غير أن خطوات سامسونغ ستغير قواعد المنافسة وتبعث على الشعور بمخاوف جديدة.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةاللواء خير طالب الخليج بتقديم الدعم المباشر لترميم شوارع بيروت
المقالة القادمة“فيسبوك” تعمل على تقنية ذكاء اصطناعي “لتحسين” الذاكرة البشرية