سقوط الكابيتال كونترول.. والمعركة لم تنته

وحده النائب نقولا نحاس ظهر بعد سقوط مسودّة الكابيتال كونترول، كمن ينعي وفاة عزيز، دافع نحاس بشراسة عن المسودة “الشبح”، التي تحتوي عشرات الثغرات والمخالفات والانتهاكات لحقوق المودعين، وتنسف آخر آمالهم بتحصيل أموالهم المُحتجزة أو بمُقاضاة مصرف سلب ما شاء من أموال المودعين على مدار سنوات.

كما يجدر التذكير بأن اقتراح الكابيتال كونترول بتشوّهاته تلك، سقط للمرة الثانية وليس الأولى، وربما لن تكون الأخيرة. إذ من الصعب التصوّر أن السلطة السياسية الحالية قد تنتج قانون كابيتال كونترول علمياً وفعّالاً.
ولا تخفى مخالفات الكابيتال كونترول على أحد. فالاقتراح الذي سقط حديثاً، تمت إعادته إلى الحكومة للعمل على تعديله وتضمينه بنداً يحفظ حقوق المودعين، على ما يؤكد أحد النواب، غير أن العِلل والثغرات الواردة في مسودة الكابيتال كونترول تستلزم “نفض الاقتراح” رأساً على عقب.

فالاقتراح الذي أسقط أمس في اللجان النيابية المشتركة، قبل إحالته إلى الهيئة العامة لمجلس النواب، يمنع أي مواطن لبناني من فتح حساب مصرفي جديد، قبل استحصاله على إذن مسبق من لجنة يتم استحداثها بموجب قانون الكابيتال كونترول، وتضم مصرفيين وأعضاء من السلطة التنفيذية (حاكم مصرف لبنان ورئيس الحكومة ووزيري الطاقة والاقتصاد) كما ويتضمن الاقتراح العديد من المفاهيم والمفردات الملتبسة بشكل متعمّد. وكانت “المدن” أوردت نماذج منها في تقرير سابق. ويكاد يكون أخطر ما ورد في اقتراح الكابيتال كونترول، الصلاحيات المطلقة الممنوحة للجنة الخاصة، لاسيما صلاحيات تشريعية شاملة وقضائية ونقدية، حتى ان رابطة المودعين كانت قد وصفت الصلاحيات الشاملة الممنوحة للجنة بأنها اغتصاب للسلطات التشريعية والقضائية.

أما اللجنة الخاصة التي تقوم مسودة الكابيتال كونترول عليها، فتتولى قوننة عمليات المصارف وتحديد أسعار الصرف وقيود السحوبات وعملاتها، وحركة الأموال واستعمال الشيكات والبطاقات المصرفية، وتشرّع الباب أمامها على إعفاء من تشاء من القيود التي يفرضها القانون على الأفراد والمؤسسات والمصارف، وتثبت الاستنسابية التي تجذرت في التعاملات خلال السنتين والنصف الماضيتين، من خلال قراراتها النهائية والملزمة غير الخاضعة لأية رقابة من أي جهة كانت، دونما آلية واضحة لكيفية درس الطلبات المقدمة ومن أي جهة. وأكثر من ذلك، تأخذ هذه اللجنة دور محكمة مصرفية عرفية، فتوزع أحكاماً بالغرامات بحق المخالفين أفراداً ومؤسسات ومصارف، مختزلة عمل وصلاحيات كل الأجهزة الموجودة أصلا بموجب القانون والتي تحتاج لتفعيل دورها.
ولكل تلك الأسباب تعتبر روابط وجمعيات المودعين أن المعركة مع قانون الكابيتال كونترول لم تنته، كما السعي لإقرار قانون يراعي مصلحة المودعين سيستمر.

وعلى الرغم من إعادة اقتراح الكابيتال كونترول ليل أمس إلى الحكومة، وعدم مناقشته اليوم في الهيئة العامة لمجلس النواب، نفذ حشدٌ من أصحاب الودائع، اعتصاماً في محيط قصر الأونيسكو في بيروت تزامناً مع انعقاد جلسة مجلس النواب قبل ظهر.

وكانت “جمعية صرخة المودعين” و”متحدون” وشركاؤهما من جمعيات المودعين والمودعين الأفراد وهيئات وناشطين، قد أعلنت أنه في ضوء سقوط اقتراح القانون المعجل المكرر، الذي رمى إلى وضع ضوابط استثنائية وموقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية، والذي اشترك في محاولة تمريره المشبوهة في المضمون والتوقيت، لصوص ووكلاء لصوص كثر، “تعليق محطة التحرّك من ضمن المواجهة المفتوحة حتى إسقاط الاقتراح بأي ثمن كان”.

مصدرالمدن - عزة الحاج حسن
المادة السابقةوزير الزراعة: خطة انتاج القمح ستطرح كاملة بجلسة الحكومة غدًا ويجب التفاوض مع سوريا بالمباشر
المقالة القادمةالدواء المحلّي بديل المستورد: قفزة صناعية وفارق شاسع بالأسعار