سلف الكهرباء مخالفة للقانون ولا داعي لانتظار نتائج التدقيق

يبدو أنّ هناك من ينتظر نتائج تدقيق ديوان المحاسبة في «سلف الخزينة» التي أُعطيت لكهرباء لبنان خلال السنوات الماضية، ويبرر هذا الانتظار بحاجته للبناء على تلك النتائج في مناقشة مشروع موازنة الدولة للعام 2021، فيما مخالفة هذه السلف لقانون المحاسبة العمومية واضحة للمعنيين بها، ولا جدال فيها، لا سيما في وزارتي المالية والطاقة والحكومة ومجلس النواب، وقبل هؤلاء مؤسسة كهرباء لبنان.

للتثبت من واقع مخالفة هذه السلفات للقانون، تكفي العودة إلى قرارات مجلس إدارة كهرباء لبنان المتعلقة بالمطالبة بـ»مساهمات» من الدولة، لتأمين التوازن المالي لموازنتها، وليس بسلف خزينة، هي أكيدة من عدم قدرتها على ردّها.

أما اليوم، فشبح العتمة والتهديد بها يطلّ مجدداً، مع إعلان كهرباء لبنان عن نفاد سلفة 2020 بنهاية آذار الجاري، من دون تحديد رصيدها، وبعد الاتجاه نحو وقف الدعم لنفاد احتياطي مصرف لبنان من العملات الصعبة، بحيث بات التوافق مع إدارة المناقصات على دفتر شروط مناقصة المحروقات لزوم المؤسسة أمراً ثانوياً، بالرغم من نجاح تلك الإدارة في «تهذيب» دفتر الشروط وتنقيته من الشروط التعجيزية تحصيناً للمناقصة والحؤول دون منع حصولها، بعد كشف نوايا واضعيه، وتراجع وزير الطاقة عن كتب التهويل وعن العمل باستشارات غبّ الطلب تبرّر إجراءها لديه، ليباشر السعي إلى تأمين توافق سياسي على إقرار قانون يسمح بإعطاء كهرباء لبنان «سلفة خزينة» جديدة، لتغطية ثمن المحروقات والعمل بنتائج المناقصة العتيدة، اللهم إلّا إذا تكلّل التفاهم مع دولة العراق بآلية تسمح بالاستفادة من كمية الفيول الخام بعد تكريره أو استبداله بفيول مكرّر من دولة أخرى قبل بداية نيسان.

إنّ سلف الخزينة التي تُعطى لمؤسسة كهرباء لبنان لتسديد ثمن المحروقات هي مخالفة لقانون المحاسبة العمومية، وبالتحديد لأحكام المادتين 203 و204 منه، بحيث تُعرّف هذه السلفات على أنّها إمدادات تُعطى من «موجودات الخزينة» لتغذية صناديق المؤسسات العامة، وليس هناك في الأصل موجودات فائضة لدى الخزينة لإعطاء سلفات خزينة منها للمحروقات وبآلاف المليارات.

وهي تشترط لإعطاء هذه السلف تأكّد وزير المالية من قدرة المؤسسة المستلفة على السداد، وليس هناك أي شك بعدم قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على تسديد هذه السلفات، التي يرتبط إعطاؤها بالتزام الجهة المستلفة بلحظ الاعتمادات اللازمة في موازنتها التالية لتسديد هذه السلفات، ولا يمكن ان نتوقع التزام كهرباء لبنان بهذا الشرط، في الوقت الذي لا تكتفي فيه بتغطية عجز المحروقات، وإنما تطالب، إضافة إليه، بتسديد عجز موازناتها من كافة مصادره.

لا تقف مخالفة سلف الخزينة للكهرباء هنا. وهي إنما هي تصل إلى حدّ اعتبار قيمة السلفة متحرّكة تتغيّر مع تغيّر أسعار النفط عالمياً، فتتمدّد مع ارتفاع الأسعار حسب نظرية الوزير أبي خليل الفقهية، باعتبار أنّها أُعطيت لضمان إنتاج 1800 ميغاواط وتأمين 16 ساعة تغذية، وكذلك تصل إلى عدم تحديد أجل محدّد لتسديدها، بحيث يختلط مفهوم الإعارة بقصد الاسترداد بنيّة الإنفاق النهائي على حساب الموازنة العامة

ما نخشاه اليوم هو أن تكون هناك نيّة لاستكمال المجزرة التي أدّت إلى انهيار مالية الدولة وإفلاس الخزينة، والإجهاز على ما تبقّى من أموال المودعين، ليستمر النهج والنهب والهدر وتحقيق المنافع!

 

مصدرجريدة الجمهورية - غسان بيضون
المادة السابقة82 مليون دولار هدية البنك الدولي للمنظومة!
المقالة القادمةالبراكس: أسعار المحروقات سترتفع في الأسبوعَين المقبلَين قرابة الـ1000 أو 1500 ليرة