سوء الإدارة أُمُّ الأزمات.. والإصلاح بخلفيات خبيثة لن يُجدي

 

 

 

بموجب وتحت حماية “دستور التسوية الرئاسيّة – السياسيّة”، حكومة “الفُرْقَة الوطنيّة” تعيش حالة “أمان غير مُستقِر” من كل ما قد يُهدّد استمرارها قائمة، حتى موعد استحقاق الانتخابات النيابيّة في العام 2022، طالما أنّ “جمر” التعيينات لملء المراكز الشاغرة في العديد من الإدارات والمجالس والفئات قابع تحت رماد “مُصطنع”.

أيضاً، وطالما أنّ “لجنة المال والموازنة العامة” ملتزمة العمل على أساس “عدم شطبْ أي إيراد بشكل نهائي قبل التوصّل إلى تأمين إيرادات بديلة توازي ما شُطبَ أو قد يُشطبْ خلال جلسات الدرس والتمحيص”، فإن القوى السلطويّة الحاكمة والمستفيدة تعيش حالة “اطمئنان مؤقّت”، أدّت، على ما يبدو، إلى إنزال هَمّ مصير مشروع قانون موازنة العام 2019 والقلق على مصالح من دبّج المشروع عن “رفّ الهموم”.

على الضفة الأخرى، وبخلاف حالتي الأمان الحكومي والاطمئنان السلطوي، يعيش لبنان وشعبه حالة “يأس”، نجح في التسلل إلى الكيان والإطباق على تطلعات مكوِّناته، ليس بسبب تفشّي الأزمات “السياسيّة والاقتصاديّة والماليّة والاجتماعيّة والمعيشيّة وغيرها، بل بفعل “سوء الإدارة” المُنتج لها، والذي يمارسه، منذ عقود وبفشل مُطلق، معظم الزعامات والقيادات والأحزاب “الطائفيّة والسياسيّة”، حيناً تحت خيمة الوحدة والوطنيّة، وغالب الأحيان تحت عباءة الديمقراطيّة التوافقيّة، وحالة البلد اليوم ليست فقط خير دليل، بل أكبر إدانة.

وفقاً لكافة المعايير والاعتبارات والحسابات، فإنّ ما يشهده البلد، ويُسمَّى أزمات، ليست إلا فروعاً فرَّخها “سوء الإدارة العامة”، المُستدام والمُحصَّن بكل أنواع الإستزلام والاستسلام، فهو “أُمُّ الأزمات”، الذي وبسبب تغاضي “رئاسات، برلمانات، حكومات، مؤسّسات وأجهزة” عن معالجة “سوء الإدارة” أولاً، لم يُكتب النجاح لأي منها في معالجة فروعه.

كي يتعافى البلد ويتمكّن من مواصلة مسيرته سليماً وقويّاً وموحّداً وقادراً على مواجهة التحدّيات الداخليّة والخارجيّة، فإن العمل جديّاً وبقوّة على “إنقاذ الإدارة” من براثن المحاصصة و/أو الإستئثار هو المنطلق السليم لمعالجة كل الأزمات المزمنة ومفتاح باب النهوض المنشود، وبكل تأكيد أجدى من الإكتفاء بمحاولات “إصلاح الإدارة” خصوصاً أنّ تلك المحاولات ملوَّثة بخلفيّات خبيثة”.

ومن تلك الملوِّثات، اعتماد البعض إستراتيجيّة: “إداري في اليد أهم من قوي على الشجرة”، الأمر الذي سيزيد موقد الصراع على التعيينات اشتعالاً ومصنع القلوب الملآنة إنتاجاً.

إنقاذ الإدارة، عبر معالجة “أُمُّ الأزمات”، ليس عملاً قتاليّاً أو إحتكاريّاً يمارسه فاشل سرمدي ولا طامح آتٍ على بساط الطائفيّة، بل واجب وطني جامع يوازي في القيمة واجب الدفاع الشامل عن الوطن والشعب والدولة.

بواسطةحسن سعد
مصدرليبانون فايلز
المادة السابقة5 مليارات دولار تطير سنوياً والدولة عاجزة..
المقالة القادمةرئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية يعلن استقالته