سيناريو “الغضب” وخيبات النقل البري

انطلق الثالث عشر من كانون بتقطيع أوصال البلد، من أوتوستراد الكرنتينا، الى الدورة، الى نهر الكلب وساحة الشهداء فالسفارة الكويتية وساحة النجمة – صيدا وتقاطع بشارة الخوري وبحمدون ومثلث خلدة وبشامون والناعمة والبداوي ودوار البحصاص ودير عمار والعبده وضهر البيدر ودوار الجبلي… ساعة، ساعتان، ثلاث، أكثر بقليل، وانتهى «الغضب» كما بدأ. نبكي أم نضحك؟ فما توقعه الناس حصل على الرغم من كل علامات الحسم والجزم من رئيس إتحاد النقل البري ورئيس الإتحاد العمالي العام أن «يوم الغضب» الجديد لن يكون كما قبله.

السائقون العموميون يعانون. العشرات حملوا ثقل العمر والخيبات ونزلوا الى الأرض غاضبين، صارخين، شاتمين. قطعوا الطرقات على بعضهم البعض. أنزَلوا من تجرأ و»لمّ» راكب على الطريق وأنذروه. وكل واحد منهم، من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب، حكى عن «وجعه»: ما معي حقّ دوا. ما معي إدفع موتور. أولادي ينامون بلا عشاء… مشاكلهم مشاكل كل اللبنانيين

بسام طليس بدا، منذ الصباح، غاضباَ. وجال صال على التقاطعات وردّ على الأسئلة بأسئلة: «إنتو شو بدكم؟». لام طليس بعض الصحافيين. ومسح عرقه مرات. أما بشارة الأسمر فتقدم عليه شوطاً معتبراً: أن اليوم (البارحة) قد نجح لأن التضامن معه كان كبيراً. يبدو أن الأسمر وسواه يحاولون حتى تكذيب أعين الجمهور. وحدهم السائقون، ثلاثة أرباع السائقين، كانوا يتابعون مسار النهار من وراء التلفاز. فلا حول لهؤلاء ولا قوّة، كما لكثير من اللبنانيين، لا للنزول الى الشارع ولا لممارسة الألعاب الفولكلورية. مراقب حاول في ختام النهار أن يكون منصفاً فقال: 10 في المئة من العاملين في النقل البري، ممن شاركوا في يوم الغضب، إنما فعلوا ذلك لغضبهم الجامح ووجعهم الشديد أما البقية الباقية فكانت تعمل وفق تكتيك: «ننزل هنا. نقطع الطريق قبل وصول طليس. يغادر. نغادر. ونعود ونقطع طريقاً آخر وهكذا دواليك». تكتيك. هكذا يُشلّ البلد من أقصاه الى اقصاه».

من حكى مع بسام طليس أول البارحة ظنّ أن «الغضب الجامح آت» ومن تابع البارحة شؤون الأرض والحراك تأكد أن السلطة فقدت «ذكاءها المصطنع» وما عادت قادرة، من خلال كل أدواتها، على تركيب السيناريوات كيفما شاءت ومتى شاءت. البارحة بدأ «الغضب» ومعه إرتفاع المحروقات والبارحة إنتهى «الغضب» ومعه إتجاه الدولار صعوداً صعوداً. أيها السائقون قلوبنا، قبل البارحة واليوم وعلى الأرجح غداً، معكم.

 

مصدرنداء الوطن - نوال نصر
المادة السابقةالغضب “الهادئ” أعجز من تحقيق مطالب القوى العاملة
المقالة القادمةاللجان تنشط في إنجاز القوانين وأبرزها إستقلالية القضاء والمنافسة