شركة “فوري” وهمية… إستخدمت لتحويل الأموال المختلسة

ست دول أوروبية على الأقل فتحت تحقيقاً في قضية حاكم البنك المركزي اللبناني رياض سلامة منذ العام 2020. وتحاول بلجيكا وفرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ وليختنشتاين وسويسرا تتبع المسار المتشابك للأموال التي انتقلت من حساب البنك المركزي لتمويل العقارات الفاخرة في أوروبا التي يملكها سلامة والمحيطين به.

ولغاية اليوم، كانت المعلومات حول كيفية تحويل الأموال المزعومة من لبنان إلى أوروبا خجولة. وتمكنت صحيفة The National كما ورد في تحقيق نشرته أمس على موقعها، من الوصول إلى وثائق قضائية أوروبية مما سمح بالخروج بتصوّر حول التدفق المالي.

التحويلات أكثر من 330 مليون دولار

ويحقق المدّعون الأوروبيون في تحويلات تزيد على 330 مليون دولار يُزعم اختلاسها من مصرف لبنان من خلال عقد مُنح لشركة Forry Associates، وهي شركة مملوكة لشقيق حاكم مصرف لبنان رجا سلامة.

ووفقاً للمحقّقين الأوروبيين، يبدو أن شركة Forry، المسجّلة في جزر العذراء، شركة صورية تستخدم في تحويل الأموال المختلسة من لبنان إلى أوروبا.

وكتبت قاضي التحقيق الفرنسي أود بوريسي في أمر الحجز الذي اطلعت عليه The National، أن العمولات «لا تتوافق مع أي خدمة حقيقية ادّتها شركة فوري»، و قد «افادت رياض سلامة وأقاربه من دون علم صاحب العمل، مصرف لبنان».

وجاء في أمر الحجز أن «الأموال مرّت بـ»عمليات تكديس متتالية» شملت أشخاصاً ودولاً مختلفة، نفّذت «لإخفاء مصدر الأموال»، ووصفت بـ»عملية غسيل».

الشكوك كبيرة لدرجة أن محققين أوروبيين يزورون لبنان حالياً للتحدّث إلى الشهود والحصول على مزيد من المعلومات لتعزيز قضيتهم ضد الأخوين، اللذين ينفيان ارتكاب أي مخالفات.

رياض سلامة رفض إتهام الاختلاس، مؤكداً أن هذه العمولات لا تعتبر أموالاً عامة لأنها تدفع من قبل مؤسسات مالية تتعامل مع مصرف لبنان وليس البنك نفسه.

ويُزعم أن الأموال تم تحويلها في البداية من حساب في لبنان، حيث تم دفع العمولات إلى حساب Forry في سويسرا المملوك من قبل رجا سلامة.

ويُقال إن الأموال اتبعت مساراً معقداً من خلال الحسابات المصرفية في العديد من البلدان بما في ذلك لبنان وسويسرا ولوكسمبورغ وقبرص، لتصل في النهاية إلى رجا أو رياض سلامة وأدواته الاستثمارية في لوكسمبورغ.

رجا سلامة هو المستفيد الرئيسي من شركة «فوري»: وتلقى في حسابه الشخصي في سويسرا أكثر من 204 ملايين دولار بين عامي 2002 و 2016، كما جاء في أمر الحجز الفرنسي.

ويُزعم أن المتلقي الرئيسي الآخر هو رياض سلامة والعديد من منشآته الخارجية، التي تلقت حوالى 26.2 مليون دولار و 9.2 ملايين يورو و 5.3 ملايين فرنك سويسري. تمّ تحويل الأموال مباشرة من حساب Forry أو بشكل غير مباشر من حساب رجا الشخصي في سويسرا.

ومن بين المستفيدين البارزين آنا كوساكوفا، وهي شريكة رياض سلامة المتهمة بارتكاب جرائم مالية في القضية من قبل القاضي الفرنسي.

وكتبت القاضي الفرنسي أن شركتها، First Overseas Relation for Realty and Investment Ltd أو Forri، تلقت 1.3 مليون دولار و 183000 يورو مباشرة من Forry «من دون مبرر اقتصادي».

الأصول العقارية الهامة

الجزء الأكبر من العمولات، اي أكثر من 220 مليون دولار، إستناداً الى أمر الحجز الفرنسي، تم تحويله من «فوري» إلى حساب رجا سلامة في سويسرا، ثم إلى حساباته في لبنان.

وبمجرد وصول الأموال إلى لبنان، أصبح من الصعب تتبّعها اذ لم يتمكن المحققون الأوروبيون من الوصول إلى البيانات بسبب قوانين السريّة المصرفية، والتي لا يمكن رفعها إلا من قبل لجنة التحقيق الخاصة (SIC)، التي يرأسها رياض سلامة نفسه.

وكتبت القاضي الفرنسي في الوثيقة «يبدو من الصعب، بل من المستحيل، الحصول على معلومات حساب رياض ورجا سلامة من البنوك اللبنانية».

وكشف مصدر أن القضاء اللبناني، بعد مقاومة شديدة، تلقّى معلومات مصرفية من رجا سلامة في أيار الماضي، بعد أن وافقت هيئة التحقيق الخاصة على تسليمها، لكنها لم تشارك النتائج بعد مع المسؤولين القضائيين الأجانب.

ومع ذلك، تمكّن المحقّقون الأوروبيون من تتبّع جزء من التدفق المالي من لبنان إلى العقارات في أوروبا، بناءً على المعلومات المصرفية التي قدمها القضاء في لوكسمبورغ.

وبينما كان رجا سلامة ينقل عمولات فوري إلى حساباته اللبنانية، كان رياض سلامة كما ورد في أمر الحجز الفرنسي «يحوّل بشكل متزامن الأموال… من حساباته اللبنانية إلى حسابات لوكسمبورغ الشخصية والشركات التي كان هو المالك المستفيد منها أو كان المالك المستفيد منها».

من هناك، تمّ تحويل الأموال إلى العديد من شركات الاستثمار العقاري الموجودة في دول أوروبية مختلفة واستخدمت لشراء عقارات فاخرة في فرنسا وبلجيكا والمملكة المتحدة وألمانيا.

وخلال فترة تشغيل عقد Forry، أنشأ رياض سلامة أصولاً عقارية كبيرة، لا سيما في فرنسا والمملكة المتحدة وبلجيكا وألمانيا، تم تمويلها من خلال الهياكل التي هو (أو كان ) المستفيد الفعلي منها.

شكوك المحقّقين

ودفعت المصادفة، في توقيت ومبلغ الأموال المحولة من وإلى لبنان، محققين أوروبيين للاشتباه في أن الأموال تم تحويلها من حسابات رجا سلامة في لبنان إلى أوروبا عبر مؤسسات مصرفية في لوكسمبورغ. ورغم توجيه الجزء الأكبر من أموال Forry عبر لبنان، حيث يصعب تعقب المزيد بسبب السرّية المصرفية والسلطات المحلية غير المتعاونة، تمكن المحقّقون الأوروبيون من تحديد بعض التحويلات المالية من حسابات Forry مباشرة إلى شراء سيارات وشركات عقارات لرياض سلامة في لوكسمبورغ من دون أن تمرّ أولاً بلبنان.

ومعظم هذه الممتلكات والحسابات تمّ تجميدها الآن، كجزء من تحقيق مشترك بقيادة السلطات القضائية الفرنسية والألمانية ولوكسمبورغ لمصادرة 120 مليون يورو من الأصول المملوكة لرياض سلامة وأفراد عائلته.

وتأتي زيارة وفد من المسؤولين القضائيين الفرنسيين والألمان ولوكسمبورغ إلى لبنان في إطار هذا الجهد المشترك، وهي خطوة غير مسبوقة لجمع المزيد من المعلومات حول القضية والاستماع إلى الشهود.

 

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةمزايدة البريد إلى التأجيل… و”ليبان بوست” وحدها في “الميدان”
المقالة القادمة“الخلوي” تابع… زيادة الرواتب أو الإضراب