شمالاً: حتى الهجرة نحو محلّات “البالة” مكلفة أيضاً

تتراجع الحركة في أسواق بيع ملابس “الجديد” لصالح محلات بيع “البالة”، التي لم يعد بيعها يقتصر على سوق طرابلس جسر أبو علي المعروف، أو بعض الأزقّة المعروفة في المدينة، بل تعدّاه إلى القرى والبلدات في مناطق الشمال؛ التي تشهد فورة في افتتاح محلات “البالات” وتوجّه الناس صوبها في هذه الأيام، حيث أن غالبيتهم لم تعد لديهم القدرة على تحمّل الأسعار المرتفعة.

يُدرك أصحاب محلات بيع الألبسة والأحذية الجديدة في طرابلس ومناطق الشمال، أنّ الأمور لم تعد مثل السابق وأنّ شيئاً ما تغيّر في ما خصّ علاقتهم مع الزبائن الذين يبحثون عن الأرخص في الزمن الأصعب. فالأسعار في محلات “الجديد” صارت أغلى بكثير، والقطعة التي كانت تباع بـ 100 ألف قبل أزمة الدولار صار سعرها 600 ألف هذه الفترة. تخيّل أنّ بنطلون جينز في محلات بشارع عزمي يباع بمليون ليرة. أو تخيّل أن “جاكيت” تباع في أحد المحلات “الماركة” في طرابلس بـ 3 ملايين ليرة !. هذا الأمر مردُّه إلى ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية كما يشير أصحاب المحلات التي تبيع الجديد. فالقطعة التي كان سعرها في السابق 300 $ أي 450 ألف ليرة، أصبحت الآن بمليونين ونصف على دولار 8500 ليرة. هذا الأمر أدى إلى هجرة عدد كبير جداً من الزبائن من المحلات والأسواق العادية نحو سوق “البالة”.

وبالرغم من أن أسعار ثياب البالات قد ارتفعت هي الأخرى لأنها تشترى من الخارج لا سيما من أميركا وأوروبا على سعر دولار السوق السوداء، إلا أنها تبقى في متناول الأشخاص العاديين، وما زال للفقراء قدرة على شرائها. يشير عبد الرؤوف الذي صادفناه يشتري، منذ أيام، من أحد محلات “البالة” في سوق الجسر في طرابلس إلى أنّه “لم تعد لديه القدرة في هذه الظروف على شراء الألبسة من محلات الجديد، وأسعار الثياب في البالات طالها ارتفاع ملحوظ. فالقطعة التي كنا نشتريها بـ 10 آلاف ليرة صارت بـ 20 إلا أنها تبقى أقلّ بكثير من أسعار الأسواق العادية في عزمي ونديم الجسر ومحلات الماركات المعروفة”.

ويرى عمر القصير، وهو صاحب محل لبيع “البالة” في طرابلس أنّ “هناك إقبالاً كبيراً على محلات البالة وهناك أشخاص كثر تحوّلوا من محلات الجديد إلى سوق البالات”. ويضيف: “الأسعار في محلات البالات تبقى أقلّ بكثير من الجديد، وغالبية الناس لم تعد لديها الإمكانية لتشتري الجديد في هذه الظروف”. ويشير إلى أنهم كأصحاب محلات “بالة” يشترون البضاعة بالكيلو على سعر الدولار الجديد، ويبيعونها باللبناني بأسعار لا تزال مقبولة لدى عامة الناس.. ويقول: “يقصدني الزبائن ليس فقط من الشمال وإنما من مناطق بعيدة مثل الشوف وعاليه وبيروت، وليس فقط هذه الفترة وإنّما منذ زمن، لأنّهم يجدون البضائع والنوعيات بأسعار مقبولة”.

أما محمد ناصر وهو صاحب محل بالة أيضاً فيؤكّد أنّ “الدولار أثّر على كل شيء لكنّ محلات البالة تبقى أسعارها أسهل على الجميع.. هذا حذاء نسائي ماركة ZARA أنا أبيعه بعشرين ألف ليرة. لو أراد الزبون شراءه من محلات الجديد فسعره قد يصل إلى 300 $”.

وبينما يعتمد أصحاب محلات الجديد بشكل كبير على التركي والصيني والسوري، تأتي بضائع “البالات” من أكثر من مصدر، لا سيما أوروبا وأميركا، ويشتريها أصحاب المحلات والمستودعات بالكيلو من تجار في بيروت. وتسمّى البالات بهذا الإسم لأنها تعتبر بالنسبة إلى كثيرين بالية، وهي عبارة عن ألبسة وأحذية مستعملة بعض الشيء في دول العالم. ولا يحتاج فتح محل “البالات” إلى أن يكون في أهمّ الشوارع والأسواق، فالديكور والمظهر ليسا الأساس في هذه الحالة. ولأنّ البالات تتركّز في المناطق الشعبية الفقيرة، فإن إيجار المحلات الأقلّ قياساً بمحلات “الجديد” ما زال يسعف أصحاب محلات “البالات”.

مصدرنداء الوطن - مايز عبيد
المادة السابقةمرتضى: اتلاف كمية من الجبن منتهية الصلاحية في البقاع وإحالة المخالفين إلى القضاء
المقالة القادمة“تجاذبات الساسة” تحرم الجمركيين من الترقيات