شَطْب أسهم سوليدير وثلاثة مصارف: لا تمويل للبنان

أعلنت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني S&P، أنها تدرس شطب أسهم بنوك عودة وبلوم وبيبلوس بالإضافة إلى شركة سوليدير، من مؤشر الأسواق الناشئة ومؤشر الأسواق العربية. ويستند القرار الذي لم يُتَّخَذ بعد، بانتظار عملية التشاور المستمرة حتى تاريخ 14 أيار، إلى المشاكل الناجمة عن فرض ضوابط على رأس المال، وإن بصورة غير رسمية، وإنما عبر تحديد المصارف لحجم الدولارات التي يمكن للعملاء سحبها.
بالإضافة إلى ذلك، تطرح الوكالة إعادة تصنيف لبنان من سوق حدودي إلى سوق قائم بذاته from a frontier market to a stand-alone market. وبالتالي، إزالة جميع المكونات من مؤشر S&P Frontier BMI والمؤشرات الفرعية ذات الصلة.

إمكانية شطب المصارف الثلاثة وشركة سوليدير، يعني حجب الضوء عن المعلومات والمؤشرات التي تقدّمها تلك الشركات في البورصة. وبالتالي، عدم قدرة المستثمرين الدوليين على معرفة المعلومات المطلوبة للاستثمار في تلك الشركات. وتُعتَبَر المعلومات أمراً ضرورياً للشركات، أو المتمولين الراغبين في الاستثمار في الشركات المدرجة في البورصات. وصول الوكالة الدولية إلى هذا الحد من السلبية تجاه الشركات اللبنانية المدرجة في مؤشر الأسواق الناشئة والأسواق العربية، هو نتيجة طبيعية لما آلت إليه أحوال البلاد على المستوى النقدي ومستوى إدارة السلطة السياسية والقطاع المصرفي، للأزمة.

فالسلطة أوقفت دفع سندات اليوروبوند في آذار 2020، وحتى اللحظة لم تضع خطة للتفاوض مع حَمَلة السندات. كما أنها لم تصل إلى أرضية صحيحة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، وعجزت عن تشكيل حكومة تدير الأزمة وتضع حلولاً للخروج منها. ناهيك بالضغوط الناتجة عن تفجير مرفأ بيروت وانتشار فيروس كورونا.

في آب 2019، كانت المعطيات الاقتصادية والسياسية والنقدية، قد اختمرت وأكّدت بلا أي شك، وقوع لبنان في الأزمة. فوكالات التصنيف العالمية ستاندرد أند بورز، موديز، فيتش، قد أعطت لبنان علامات غير مشجعة وتشير إلى قرب البلاد من علامة الرسوب. وحينها، أكدت وكالة فيتش في تقريرها حول لبنان، أنه “لا توجد خطة متوسطة الأجل ذات مصداقية لتثبيت الدين الحكومي”. وأوضحت أن تصنيفها للبنان عند مستوى CCC ينبع من “عدم الاستقرار السياسي المحلي وعدم فعالية الحكومة، وتدهور النمو الاقتصادي والمخاطر الجيوسياسية، بما في ذلك السياسة الأميركية ضد إيران وحزب الله، وضعف العلاقات بين لبنان ودول الخليج”. ومع ذلك، كانت المنظومة الحاكمة لا تزال تمتلك زمام المبادرة، ولم تفعل شيئاً، بل حَمَت المصارف وأمعنت في تجاهل الوضع، إلى أن أصبح لبنان خارج الاستثمار الدولي وغير جاذب لرؤوس الأموال. وفي مطلع العام 2020 خفضت وكالة ستاندرد أند بورز تصنيف لبنان إلى مستوى “التعثّر المحتمل”، وكأنها تقول “انتبهوا. وضعكم لم يعد يُحتَمَل”.

لبنان رسمياً بات غير قادر على الإيفاء بالتزاماته المالية. وسواء أصدرت وكالة ستاندرد آند بورز قرارها رسمياً أم عدلت عنه، فعدم الثقة العربية والدولية قائمة. إذ أن التباين في تشخيص الحالة اللبنانية لا يتخطّى التفاوت في عرض الأرقام والمستويات، وهو ما يظهره الاختلاف الضئيل للتصنيفات بين الوكالات الثلاث. وعليه، البلاد باتت جزيرة معزولة. والأسوأ من ذلك، جزيرة مكروهة بفعل إصرار ساستها على تحاصص السلطة وتجاهل الحلول.

مصدرالمدن - خضر حسان
المادة السابقةاللبنانيون يستقبلون الشمس ويطيحون بقرار منع التجول
المقالة القادمةالعالم يدرس تجربة لبنان وسعر الدولار: فريدٌ من نوعه