بلغ الدين العام الاجمالي 126387 مليار ليرة في نهاية ايلول 2018 (اي ما يعادل 83.8 مليار دولار) في مقابل 126166 مليار ليرة في نهاية الشهر الذي سبق 119898 مليار ليرة في نهاية العام 2017. وبذلك، يكون الدين العام الاجمالي قد ارتفع بقيمة 6489 مليار ليرة في الاشهر التسعة الأولى من العام 2018 في مقابل زيادة أدنى قدرها 4910 مليارات ليرة في الفترة ذاتها من العام 2017.
ونتج ارتفاع الدين العام الاجمالي في الاشهر التسعة الأولى من العام 2018 من ارتفاع الدين المحرر بالعملات الاجنبية بما يوازي 7599 مليار ليرة (5014 مليون دولار) في مقابل تراجع الدين بالليرة اللبنانية بقيمة 1070 مليار ليرة.
وبلغ الدين العام الصافي، المحتسب بعد تنزيل ودائع القطاع العام لدى الجهاز المصرفي، 110990 مليار ليرة في نهاية ايلول 2018، مسجلاً ارتفاعاً نسبته 6.5% قياساً على نهاية العام 2017.
و بلغت قيمة الدين العام المحرر بالليرة اللبنانية 73007 مليارات ليرة، لتشكّل حوالي 57.8% من اجمالي الدين العام في مقابل ما يعادل 53380 مليار ليرة للدين المحرر بالعملات الأجنبية، اي ما نسبته 42.2% من الدين العام الاجمالي.
لتسليط الضوء على مالية الدولة ، او وضع الموازنة خلال العام 2018 ، وجهت “الصناعة والاقتصاد” اسئلة الى المدير السابق للمحاسبة العامة في وزارة المالية، النقيب السابق لخبراء المحاسبة المجازين في لبنان أمين صالح، لتسليط الضوء على المالية العامة.

تقييم المالية

كيف تقيمون المالية العامة خلال العام 2018 وماذا تتوقعون للعام 2019 , في ظل تنامي الأنفاق وتراجع الإيرادات؟
تستمر الأزمة المالية العامة في لبنان في منحاها التصاعدي .انخفاض في واردات الدولة وزيادة في النفقات العمومية وتفاقم عجز الموازنة العامة ، وإزدياد مضطرد في حجم الدين العام، وبالتالي ارتفاع كلفة خدمة هذا الدين الى مستويات غير مسبوقة .
كل هذا يحدث بعد ان أقدمت السلطة السياسية (سلطة تنفيذية وسلطة تشريعية )على إقرار موازنتي العام 2017 و 2018 ، خلافا لاحكام الدستور اللبناني مما شكل خرقاً فاضحا لهذا الدستور، وكان ثمن هذا الخرق الوعود بانتظام المالية العامة، واعداد الموازنات العامة وإقرارها في المهل الدستورية، وإنجاز حسابات الدولة المالية النهائية منذ العام 1993 وحتى العام 2017.
وهذه سنة 2018 شارفت على النهاية، ولم تقدم موازنة العام 2019 بسبب استقالة الحكومة والعجز عن تأليف حكومة جديدة بالرغم من مرور حوالي السبعة اشهر على الانتخابات النيابية التي جرت في أيار 2018. إذا عدنا الى البداية، الى نقطة الصفر، لا موازنة للعام 2019، ولا حسابات مالية نهائية، وأزمة المالية العامة الى تفاقم، فلا حل ولا معالجة .
لقد تبين من خلال الأرقام المنشورة عن المالية العامة، وغير المدققة، بأن عجز المالية العامة يتنامى، ففي الأشهر الستة الأولى من عام 2018، تراجعت الإيرادات العمومية وتزايدت النفقات العمومية وتفاقم العجز الفعلي.
فالإيرادات بلغت 8184 مليار ل.ل. في حين كانت في ذات الفترة من سنة 2017 بلغت 8680 مليار ل.ل أي بتراجع قدره 495 مليار ل.ل ونسبته 5,71 % , وقد جاء هذا التراجع بالرغم من الزيادات الضريبية التي اقرتها السلطة السياسية في عام 2017 وبرأينا إن هذا التراجع يعود الى سببين، أولهما التراجع الاقتصادي، وثانيهما تراجع أداء الإدارة الضريبية في جباية الضرائب المستحقة على المكلفين، ولا بد من الإشارة هنا الى أننا كنا قد حذرنا من فرض ضرائب جديدة على إقتصاد مأزوم ومتراجع.
أما بالنسبة الى النفقات العمومية فقد إرتفعت من 9703 مليارل.ل. في الأشهر الستة الأولى من سنة 2017 الى 12200 مليارل.ل، للفترة ذاتها من سنة 2018 أي بزيادة قدرها 2497 مليارل.ل. وبنسبة قدرها 25,72% وهي نسبة فاقت كل التوقعات.
إن نتائج المالية العامة عن نصف السنة الأول 2018، تنبىء ب: زيادة تفاقم أزمة المالية العامة حتى نهاية العام 2018، وتؤشر الى سنة سيئة في العام 2019 إذا استمرت السياسة المالية على حالها.

السياسة المالية

هل تعتبرون أن السياسة المالية المتبعة تؤدي الى الخروج من الازمات في البلد؟
قطعاً لا. إن استمرار السياسة المالية الحالية من حيث زيادة الانفاق وتراجع الإيرادات خصوصا وان معظم الانفاق هو انفاق استهلاكي وليس استثماريا، بالإضافة الى نفقات غير مجدية على مؤسسات وهيئات لا جدوى اقتصادية منها، ان ذلك كله سيفاقم الازمات ولا بد بالتالي من سياسة مالية جديدة في المديين القصير والطويل الاجل، للخروج من الازمة وإعادة التوازن الى المالية العامة.

ما هي العناصر التي تؤدي الى التوازن في المالية العامة؟ وبالتالي هل يمكن الركون الى تأجيل قطع الحساب في موازنة 2009، كما جرى في العام 2017 وماهي تداعياته؟
ان العناصر التي تؤدي الى التوازن في المالية العامة هي زيادة الواردات ومكافحة التهرب الضريبي الذي أضحى سمة النظام الضريبي في لبنان، وبالتوازي مع ذلك التقشف في الانفاق حيث يمكن توفير ما لا يقل عن 3500 مليار ل.ل. بالإضافة الى معالجة أزمة الكهرباء، وأزمة الدين العام، وبخلاف ذلك لا يمكن الخروج من أزمة المالية العامة.
أما بالنسبة الى قطع حساب موازنة السنوات من العام 2004 وحتى 2017، فإن ذلك موجب دستوري وقانوني، وبالتالي لا يمكن إقرار موازنة العام 2019 من دون الحسابات المالية النهائية، إذ لا يمكن تكرار ما حدث من خرق للدستور في إقرار موازنتي السنتين 2017 و2018.

تضخم الدين العام

ما هو تأثير تضخم الدين العام في الموازنات السنوية؟
كلما ازداد الدين العام كلما إزدادت خدمته أي كلفته وهي الفوائد المترتبة للدائنين، وبالتالي تزداد النفقات العمومية، ويتفاقم عجز الموازنة. ولتغطية العجز يتم اللجوء الى الاستدانة، وهكذا تستمر الحلقة المفرغة.
وبالرجوع الى لغة الأرقام فإنها تشير بوضوح انه في الأشهر الستة الأولى من العام 2018 إرتفعت فوائد الدين العام عن الفترة ذاتها من العام 2017 من 3683 مليار الى 4196 مليار ل.ل أي بزيادة قدرها 513 مليار ل.ل ونسبتها 14%، وقد بلغت نسبة الفوائد الى النفقات العامة 34%، وبلغت النسبة الى الواردات 51% ونتوقع زيادة قيمة الفوائد حتى نهاية العام 2018 .
ان وضع المالية العامة سيزداد تأزماً وتفاقماً ما لم يتم اعتمادات سياسات مالية، نقدية جديدة . اننا تحذر من الوصول الى وضع لا تحمد عقباه، ولا بد من ابتداع حلول تصب في مصلحة البلاد والعباد.

مصدرالصناعة والاقتصاد
المادة السابقةخسائر زراعية في عكار
المقالة القادمةإقتصاد لبنان 2018.. بين كوابيس الانهيار وثقل الأزمات