لماذا لم تنخفض أسعار الخضار؟

بعد رحلة طويلة من الارتفاع شهدها سعر الدولار منذ بداية العام الحالي، وتسجيله ما يقارب 20 ألف ليرة لبنانية، قبل أن ينخفض تدريجياً ليستقر عند حدود 15 و16 ألف ليرة لبنانية، شهدت الكثير من السلع ارتفاعات جنونية، خصوصاً تلك المرتبطة بالدولار، أي المستوردة. إلا أن هذا الانخفاض، لم ينعكس حقيقة على أسعار السلع الأساسية، وفي مقدمتها أسعار الخضار والفاكهة، وهو ما أثار الدهشة، لدى “انتصار حمادة”، مدرسة في إحدى المدارس الخاصة.

تقصد حمادة سوق للخضار بجانب منزلها، تقضي يومها تقريباً في مجادلة التجار حول الأسعار. تقول” استبدلت اللحوم والدجاج التي باتت أسعارها تفوق مقدرتي المادية، بالخضار وبعض الأصناف من الفاكهة، إلا أن تكلفة طبق يومي، قد تصل من دون مبالغة إلى ما يقارب 70 ألف ليرة، من دون احتساب تكلفة السلطات أو المقبلات الجانبية”. وتسأل كيف يمكن أن يكفي راتبي “مليون و750الف ليرة” لشراء هذه السلع، فعلى سبيل المثال، يصل سعر اللوبيا إلى 20 ألف ليرة، وتحتاج العائلة إلى ما يقارب من كيلوغرامين بسعر 40 ألف ليرة، ناهيك عن أسعار المكونات الأخرى، كالبندورة التي وصل سعرها إلى 9000 ليرة، والبصل والثوم ما يتخطى السعر حاجز 15 ألف ليرة. لا يقتصر ارتفاع الأسعار على الخضار، فلم يعد بإمكانها شراء أصناف كثيرة من الفاكهة، وأبرزها التفاح الذي كانت تشتريه بأقل من 1000 ليرة منذ عامين.

يجيب رئيس تجمع المزارعين والفلاحين، ابراهيم الترشيشي، بالقول إن تكلفة الإنتاج الزراعي في لبنان ارتفعت إلى أكثر من 50 في المئة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، ولا يتعلق الأمر بسعر الدولار بقدر ما يتعلق في الوقت الحالي بغياب مادة المازوت. ترشيشي يعترف بأن أسعار الخضروات لاتزال مرتفعة، وقد تشهد مزيداً من الارتفاع، ومنها على سبيل المثال سعر البطاطا، والخس، بسبب ندرة مادة المازوت، واضطرار المزارعين إلى البحث عنها في السوق السوداء بأسعار تتخطى 300 ألف ليرة. ويعتبر أن الوضع لم يعد يتعلق بأسعار الدولار، بقدر ما يتعلق بندرة المواد الرئيسية التي تدخل في عملية الإنتاج الزراعي.

صحيح أن وزارة الاقتصاد، حاولت إلزام التجار بخفض أسعار السلع المستوردة، وقد يكون البعض منهم قد استجاب لذلك. لكن الأمر لم يطبق على المحال الصغيرة في الأحياء الشعبية. وحسب مصدر في وزارة الاقتصاد، فإن غياب الرقابة عن هذه المحال، وتحديداً عن محال الخضار والفاكهة، يعود من جهة إلى عدم كفاية المراقبين، ومن جهة ثانية، لأن عملية تنظيم الإنتاج الزراعي وبيعه، تعد عملية مشتركة ما بين وزارة الاقتصاد والزراعة. وبالتالي، فإن الرقابة على الخضار والفاكهة، تحتاج إلى أكثر من خطة مشتركة بين الوزارتين، حتى يتم تفعيله على أرض الواقع، وهذا الأمر لايزال غابئاً حتى اللحظة، حسب المصدر.

بدلت الأزمة الاقتصادية مفاهيم كثيرة تخص الأمن الغذائي في لبنان. توجهت منى حموي من مقر سكنها في العاصمة بيروت إلى شمال لبنان، حيث تمتلك بيت صغيراً بجانبه حديقة، كانت قد أهملتها لسنوات، لكنها وجدت من الضروري إعادة الإعتناء بها، بهدف زرعها بالمنتجات اليومية. على صفحة “أزرع” وهي صفحة متخصصة بشؤون الزراعة اللبنانية، تروى حموي، أن خيار الانتقال إلى الشمال، جاء نتيجة عدم قدرتها على شراء السلع الأساسية. وعلى عكس كل إدعاءات المزارعين، لم تجد حموي أي صعوبة لشراء المبيدات الحشرية أو الأدوية، إذ تشير إلى أنها لم تضطر لشراء أي من هذه المنتجات، وتستخدم بدلاً من ذلك البدائل الطبيعية، وفي مقدمتها “زبل الحيوانات”. تقول لـ”المدن”: خلال عام تقريباً، تمكنت من تأمين الخضار الأساسية لعائلتي، بعدما زرعت اللوبيا، الفاصولياء، الملوخية، البندورة، والكثير من الحشائش، وتخلصت من حجج التجار حول سعر الدولار وربطه بالمنتجات الزراعية التقليدية.

العديد من المواطنين في مناطق مختلفة، يسردون في صفحة “إزرع” تجاربهم لزراعة المنتجات الأساسية، والتي -حسب تعبيرهم- تساعدهم في الحماية من تداعيات انهيار الأمن الغذائي في لبنان، فكانت أسطح البنايات، متسعاً لزراعة العديد من المنتجات الزراعية.

مصدرالمدن - بلقيس عبد الرضا
المادة السابقةطوابير البنزين انحسرت.. وسعره الباهظ يقلّص الطلب
المقالة القادمةسعر البنزين ارتفع 780 بالمئة خلال عام