عاصفة التعاميم المتتالية لن تحُلّ الأزمة

إنّ صدور التعميم 151، في العام 2020 كان أساساً لسوء الحظ، تعميم الـ HairCut المبطّن، ولا سيما حيال ودائع اللبنانيين بالدولار، الموجودة في المصارف التجارية. وكان يقضي بتحويل جزء من الودائع بالدولار من 1500 ليرة إلى 3900 ليرة، حينها كان سعر السوق السوداء نحو 5 آلاف ليرة للدولار، فكانت الخسائر المباشرة للمودعين تُراوح بين 30% و40%. من ثم تابع التدهور النقدي والمالي، ودفع السوق السوداء حتى وصل إلى قمم مخيفة، حين كان التعميم 151 ثابتاً. فالـ HairCut المبطن وصل إلى 85%، إذ إنّ تطبيق الـ 151 كان يعطي مردوداً بخساً بنحو 15% من القيمة الأساسية.

ستؤدي إعادة النظر اليوم بالتعميم 151 وإرتفاع سعر صرفه من 3900 ليرة إلى 8 آلاف، الى رفع القيمة الشرائية لدى بعض المودعين بالدولار الأميركي، قليلاً ولفترة قصيرة، لأنّ سيولة هؤلاء سترتفع بما يقارب الـ100%، قبل أن تتبخر هذه الزيادة بتضخم مفرط. أما الذين يملكون ودائع بالليرة أو يتقاضون رواتب بالليرة اللبنانية أيضاً، ولا سيما موظفي القطاع العام اللبناني، فستتدهور بعد أكثر القيمة الشرائية لديهم ونسبة العيش، لأنّهم سيواجهون تضخماً حاداً وإرتفاعاً بالأسعار.

إنّ زيادة سعر الصرف، تعني زيادة طباعة الليرة اللبنانية وضخها في السوق المحلية، وتعني زيادة الكتلة النقدية والسيولة في السوق. حتى لو إزداد التبادل التجاري في وقت قصير فسيلحق بنا التضخم، وترتفع أسعار السلع الأساسية وتالياً إرتفاع الكلفة المعيشية، فتتبخر هذه الزيادة الوهمية وتنحدر بعد أكثر العملة الوطنية. من جهة أخرى، إنّ زيادة الكتلة النقدية ستزيد الطلب على العملات الصعبة، وستؤدي إلى مزيد من إرتفاع سعر الصرف في السوق السوداء، مما سيُكرّس ويُحصّن مكانه الوجودي المشبوه.

إنّ الإصلاح الأول والأهم والذي يجب إتخاذه هو توحيد سعر الصرف في منصة رسمية واحدة، تحت المراقبة الرسمية الدقيقة، عوضاً عن سبع أسواق سوداء تتلاعب بأسعار الصرف لا نعرف مَن وراءها، سياسياً، داخلياً، وحتى إقليمياً.

 

مصدرالجمهوربة - د. فؤاد زمكحل
المادة السابقةأطفال لبنان بخطر: سرقة وإتجار وتشرّد!
المقالة القادمةنيل كوبلاند: نيوم تمهد لمستقبل أخضر في عالم سباقات السيارات