عودة الكهرباء: زلغوطة وبرنامج متكامل…؟

An aerial view shows Lebanon's capital Beirut in darkness during power outage on April 3, 2021. - As Lebanon battles its worst financial crisis in decades, the local currency has lost more than 85 percent of its value on the black market. Even the country's once richest city council says it is struggling to maintain its streets, as the economic squeeze puts pressure on already rundown infrastructure. (Photo by Dylan COLLINS / AFP)

تأمين التمويل لإستيراد الفيول وإعادة التيار الكهربائي ما بين ٨ و١٠ ساعات يومياً، خطوة إيجابية وبالغة الأهمية، بعض النظر عن خلفياتها السياسية. ولكن وزير المال وحاكم البنك المركزي، ومعهما وزير الطاقة والعتمة طبعاً، يدركون أكثر من غيرهم أن صفقات الفيول، ولو تتابعت بشكل منتظم لا تشكل الحل الجذري لأزمة الكهرباء المزمنة، وأن المسألة المعقدة، والتي مرت سنوات سوداء في تاريخها، تحتاج إلى معالجات جذرية، تبدأ بتأليف الهيئة الناظمة للكهرباء، وتصل إلى وضع برنامج متكامل لإنشاء محطات جديدة تعمل على الغاز، وتحديث ما يمكن تحديثه من المعامل القديمة، وعدم الإكتفاء بأعمال الصيانة الروتينية، التي هي في الواقع عمليات ترقيع وتنفيع لأصحاب النفوذ والحظوات السعيدة.

ولا بد لبرنامج النهوض والتحديث للقطاع الكهربائي من أن يُراعي حاجتين أساسيتين:

— الأولى تتعلق بورشة إصلاح شبكات التوزيع وتعزيز فعاليتها، والحد من واقع الهدر الحالي في الطاقة على خطوط الشبكة الحالية، التي لم يتم تحديثها منذ أكثر من ثلاثين سنة، فضلاً عن إفتقاد أعمال الصيانة الدائمة لها بسبب الأوضاع المالية لمؤسسة كهرباء لبنان، إلى جانب أعمال التخريب والسرقات التي تعرضت لها خطوط ومحطات التحويل في السنوات الأخيرة. الأرقام الأولية تُشير إلى أن الهدر يصل إلى ٣٠ بالمئة في معظم المناطق، ويتجاوز هذا الرقم في بعض المناطق التي تتعرض كابلات الكهرباء فيها للسرقة.

الحاجة الثانية، والأكثر إلحاحاً، تقتضي نفض أساليب الجباية التي عفى عليها الزمن، وتؤدي إلى ضياع أكثر من ثلث العائدات من المشتركين، لأنها مازالت تعتمد الأساليب اليدوية، والنصف الممكننة، في حين أن العدادات الذكية أصبحت هي الحل المثالي لمؤسسات الكهرباء في العالم، كما بالنسبة لمؤسسات الهاتف والخليوي، بحيث تتم السيطرة على عمليات الجباية وربطها مباشرة بعمليات التوزيع، ويتم قطع التيار الكترونيًا عن المشترك الذي يتخلف عن تسديد فاتورة إستهلاكه. فنكون بذلك قد تخلصنا من النعرات السياسية، والحساسيات الطائفية، في الحديث عن المناطق التي تدفع فواتير الكهرباء، وأخرى لا يمر الجباة على مشتركيها الذين ينعمون بالكهرباء مجاناً.

عودة الكهرباء ٨ ساعات يومياً بعد طول غياب تحتاج إلى زلغوطة..!

ولكن الحل الجذري لهذه المشكلة المزمنة يتطلب إعداد برنامج وطني وعلمي متكامل، بعيدًا عن عقلية الصفقات والسمسرات.

مصدراللواء - د. فاديا كيروز
المادة السابقةاقتصاد ميشال عون: عهد الابتزاز بالإصلاحات
المقالة القادمةدولار سلامة بعد 31 تشـرين