عون يريد إطاحة سلامة… الآن!

قبل تكليف الرئيس ميقاتي بتأليف الحكومة، عقدت اجتماعات بين الأخير وبين رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، تلتها اجتماعات عقدها ميقاتي مع حاكم مصرف لبنان ومصرفيين كبار. وكان رئيس الحكومة يحاول وضع تصور يخصّ أمرين:
الأول: ما هو موقع الحاكم الشخصي ومدى استعداده للتخلّي عن منصبه، واحتمالية إلزامه التنحّي في ضوء الملاحقات القضائية في لبنان وخارجه؟
الثاني: الإجراءات السريعة التي تتعلق بالسياسات النقدية ووقف تدهور سعر العملة وفتح المجال أمام علاجات ولو جزئية تتيح للحكومة الوصول الى مقترح عملاني لملف الكهرباء، بالإضافة الى دور الحاكم والمصارف في مشروع التفاوض مع صندوق النقد الدولي.

عاد الرئيس عون ليرفع السقف مطالباً ميقاتي بالعمل مع الرئيس نبيه بري على وجه التحديد لأجل وضع آلية تتيح خروجاً هادئاً لسلامة من حاكمية مصرف لبنان. وعندما سأله أحدهم: فخامة الرئيس، ولكن من هو بديله؟ ردّ سريعاً: «لا أهتمّ بهويّته وميوله السياسية، أريد ضمانة بأنه متخصص قادر على إنجاز التدقيق الجنائي ووقف التواطؤ مع السياسيين والمصرفيين على مصالح الناس». بعد كثير من التناتش حول سياسات سلامة النقدية، وصل الرئيس عون الى اقتناع تولّى التيار الوطني تظهيره بصورة علنية في الدعوة الى إطاحة سلامة. لكن السؤال كيف؟

اللافت أن الرئيس ميقاتي نفسه كان يتصرف على أساس أن الأمر ممكن أو هو وارد. بادر رئيس الحكومة الى التواصل مع شخصيات مصرفية مقيمة في لبنان والخارج، والسؤال عن المرشح الأنسب. الأمر نفسه كان الرئيس عون يقوم به، وحصيلة ما قام به الاثنان، لا يعدو حتى الآن حدود إظهار الاستعداد للقيام بخطوة كبيرة. لكنهما وقفا أيضاً عند النقطة ذاتها: هل يبادر سلامة الى التنحي من تلقاء نفسه أو أن تتخذ خطوة في لبنان أو خارجه تدفعه هو إلى التنحي أو تلزم الحكومة اللبنانية بخطوة تحييد للرجل؟ وبعدما ظهر أن سلامة ليس بوارد التنحي من تلقاء نفسه، لجأ الى من يوفّر له التغطية الفعلية، وهو فريق يمتدّ من الرئيس نبيه بري الى وليد جنبلاط، مروراً بسعد الحريري والبطريركية المارونية وحشد من النافذين في القطاعات المالية والاقتصادية الى جانب الموقف الأهم للولايات المتحدة الأميركية.

وحسب ما هو متداول، فإن دعوى المخاصمة التي تقدم بها بنك «ميد» ضد القاضي جان طنوس، لم تحل دون محاولات حثيثة من جانب الرئيس عون وآخرين لإقناع القضاء بالتقدم خطوة مباشرة باتجاه الادعاء على سلامة، ما يسهّل على الرئيس الطلب الى الحكومة المبادرة الى خطوة تطيح حاكم مصرف لبنان. ويبدو أن الأمر ليس يسيراً بالقدر المتصوّر، وخصوصاً أن القضاء يحتاج الى وقت أطول للتثبت من الملف من جهة، ولكون التحقيق يحتاج الى تفاصيل إضافية واستكمال، بالإضافة الى بتّ الدعوى المقدمة ضد طنوس والتي يظهر أن هناك من يتعمد تأخير النظر بها وبتّها، وهي مسؤولية ملقاة على عاتق رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود المتخصص ليس فقط بحماية المحقق العدلي طارق البيطار، بل يبدو أنه مهتم أو متخصّص أيضاً في توفير الحماية لحاكم مصرف لبنان.

مصدرجريدة الأخبار - ابراهيم الأمين
المادة السابقةأسعار سلع محلية أغلى من المستوردة
المقالة القادمةأسعار الأدوية غير المدعومة نحو «التحرير»