يدرس عملاق وادي السيليكون غوغل إعادة المحاولة لثبيت أقدامه في سوق التجارة الإلكترونية بعد أن تعرض لعثرات في السابق، والهدف هو منافسة شركة أمازون المهيمنة على هذا القطاع منذ سنوات.
وكشف براباكار راغافان المسؤول التنفيذي في غوغل التابعة لمجموعة ألفابت أثناء مؤتمرها السنوي للمطورين (أي/أو)، الذي تنظمه هذه الأيام في سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا عن مزايا جديدة تمكن الشركة من تحقيق هدفها في هذا القطاع.
ونسبت وكالة بلومبرغ إلى راغفان قوله خلال كلمة له في الحدث إن “من بين المزايا هي إتاحة استخدام الصور للبحث عن منتجات التجزئة القريبة أو العثور على أي مادة في العالم الحقيقي بلقطة كاميرا”.
وأعلنت الشركة الثلاثاء عن خاصية أخرى تسمح بالانتقال من قوائم التجار على بحث غوغل إلى صفحات الدفع لديهم بنقرة واحدة.
ويأمل النائب الأول لرئيس الشركة بأن تُقنع مجموعة المبادرات التي تطرحها غوغل الملايين من الناس حول العالم بخيار الشراء عبر منصتها، وهو ما قد يدفع البائعين إلى المزيد من الإعلانات لديها.
ويُعد راغافان أول مسؤول تنفيذي لدى غوغل يشرف على العمليات التقنية التي يقوم عليها قسما البحث والإعلانات منذ أن فعل ذلك سوندار بيتشاي في 2014 قبيل توليه منصب الرئيس التنفيذي.
وتشير التقديرات إلى أن سوق التجارة الإلكترونية تواصل النمو بوتيرة متسارعة وبرزت بوضوح خلال جائحة كورونا. ومن المتوقع أن يصل حجمها بحلول 2025 إلى حوالي 2.27 تريليون دولار.
وفي السابق حاولت الشركة الأميركية المتخصصة في مجال الإنترنت محاكاة خدمات بيع التجزئة والتسليم الإلكتروني الذي تتوخاه أمازون، إلا أنه لم يُحالفها سوى قليل من الحظ.
والآن تسعى عملاقة البحث بقيادة راغافان للتموضع في هذه السوق الضخمة لتصبح نقيض أمازون نوعا ما بحيث تكون سوقا مجانية للتجار ومصممة ليرتادها المستهلكون بالكثير من الراحة والمرونة.
ولكن حتى تصل إلى مبتغاها فإنها تحتاج إلى الكثير من الجهد والصبر وتواجه في سبيل ذلك تحديات هائلة حيث تظل أمازون منافسا قويا.
وفي حين يكمن الخطر على أمازون، التي أسست نشاطا تجاريا مزدهرا بإتاحة أصولها الرقمية تأجيرا للبائعين الصغار، تستطيع غوغل أن توفر لتلك العلامات التجارية طريقاً للنمو خارج سوقها.
وهذا الوضع يجبر شركة غوغل، ومقرها سياتل، على خطب ود البائعين من خلال خصومات على الرسوم أو الإعلانات أو الخدمات اللوجستية.
ويتزامن الاندفاع المُتجدد للشركة نحو التجارة الرقمية مع تباطؤ التسوق على المنصات الإلكترونية نتيجة لعودة المستهلكين إلى عادات ما قبل الجائحة عقب تخفيف قيود الإغلاقات الاقتصادية في أنحاء العالم.
وأعلنت كل من أمازون وإي باي مؤخرا بعد تباطؤ النمو توقعات أرباح أدنى، فيما سعت غوغل دوماً لإبقاء تقنيتها في الظل فقد يُخاطر تحويل الموقع إلى وجهة تسوق بتقويض تجربة المستخدمين وإقصائهم.
وقبل العرض التقديمي في المؤتمر عانى راغافان ليقول إن التسوق على غوغل سيُصبح “سلساً للغاية”، وإذا نجح مفهومه المُعلن، لن يُضطر المتسوقون للتساؤل “هل أبحث؟ هل أنا في موقع أمازون أم غوغل؟”.
وقلب راغافان سياسات التجارة الإلكترونية لدى غوغل منذ ترقيته منتصف 2020 وألغى الرسوم التي تفرضها شركته على الشراءات الرقمية وأغلق خدمة التوصيل.
كما حاول اقتناص التجار الحانقين من أمازون وأعاد تنظيم المناصب القيادية وأصلح عمليات مدفوعات غوغل بالتخلي عن خططها المصرفية وتضييق نطاق تركيزها.
وبالتوازي مع ذلك كلّف قسم البحث التابع له بتلبية احتياجات أصحاب القرارات التجارية القوية مثل شراء منزل أو اختيار كلية للدراسة.
وقال بيل ريدي رئيس التجارة الذي انضم إلى غوغل كأحد كبار نواب راغافان في 2020 إنه “مستعد لاتخاذ خطوات جريئة”.
ومن الصعب قياس نجاح غوغل لأنها لا تُعلن مبيعات التجارة الإلكترونية أو إعلانات بيع بالتجزئة، لكن يسهل مراقبة هذا في أمازون التي سجّلت أعمالها الإعلانية نموا قدره 23 في المئة في الربع الأول من هذا العام.
وقال مايك رايان، محلل المحافظ الاستراتيجي لدى سمارتر إي كوميرس “تبدو مفاعيل هذا أفضل لدى أمازون من غوغل”.
وكانت آخر مبادرات غوغل الكبيرة في هذه السوق القيام بمواجهة مباشرة مع أمازون حيث أطلقت خدمة “غوغل شوبينغ إكسبرس” في 2013 عبر تطبيق أنيق ووعد بشحن كثير من المنتجات في يوم طلبها.
وشملت قائمة شركائها في قطاع التجزئة في ذلك الوقت أسماء كبيرة مثل تارغيت ووول غرينز وخططت لوضع نموذج اشتراك سنوي يضاهي أمازون برايم.
وشكل التسليم السريع في التجارة الرقمية حينها أمرا جديدا. وقد بدت خدمة غوغل للوهلة الأولى كمنافس طبيعي لأمازون، لكنها لم تتكمن من إثبات جدارتها.