“غول” السلطة “يحوم” على “جيفة” أصول الدولة

أعاد استئناف المفاوضات مع “صندوق النقد الدولي” ملف توزيع الخسائر إلى الواجهة من جديد. ففي الوقت الذي يفترض فيه المنطق تحمل المصارف خسائر توظيفاتها الأساسية في مصرف لبنان بقيمة تتراوح بين 65 و80 مليار دولار، عادت البنوك إلى “نغمة” استعمال أصول الدولة من أجل إطفاء هذه الخسائر. والخوف أن تروق هذه “السمفونية” لـ”أذن” الحكومة، فتطرب بها.

تتوزع خسائر القطاع المصرفي بشكل أساسي على شقين: يتمثل الاول بحملها سندات “يوروبوندز” بقيمة “8.1 مليارات دولار”، بحسب أرقام جميعة المصارف، “من أصل محفظة بقيمة 35.2 ملياراً”. وهي ستخضع حكماً في المفاوضات لـ”هيركات” يقدر أقله بـ70 في المئة. ما يعني أن المصارف لن تنال من هذا الدين إلا ما يقارب 2.4 مليار دولار. أما الشق الثاني والأخطر فهو توظيفها ما بين 65 و80 مليار دولار من أموال المودعين في مصرف لبنان، الذي بدوره استعملها لاقراض الدولة بشكل أو بآخر. المشكلة، أن المركزي عاجز عن رد المبلغ للمصارف. فكل ما يملك من عملات أجنبية يختصر بـ13 مليار دولار تمثل التوظيفات الالزامية، ونحو 9221 مليون أونصة ذهب مربوطة بقانون صارم يمنع التصرف بها، وهي تعود لكل اللبنانيين، ويقدر سعرها اليوم بـ 16.2 مليار دولار. وعليه فان الموجودات من العملة الصعبة، مع احتساب الذهب تبلغ 30 مليار دولار، فيما المطلوبات تقدر بـ80 ملياراً وعليه فان الفرق لا يقل عن 50 مليار دولار. هذه الفجوة يمكن تغطيتها برأي المصارف من خلال بيع وتخصيص أصول الدولة، فهل هذا ممكن.

بالأرقام تشير دراسة “خصخصة الأصول اللبنانية العامة – لا يوجد حل سحري للأزمة” التي أعدها الزميل الباحث في السياسات في معهد عصام فارس البير كوستانيان، إلى أنه “لا يمكن اعتبار خصخصة أصول الدولة بمثابة “رصاصة سحرية” لمعالجة الخسائر الحالية للقطاع المالي في لبنان، لأن الإيرادات التي ستولدها هذه الأصول على المدى القصير غير كافية إلى حد كبير بالمقارنة مع خسائر لبنان الإجمالية. وباستثناء الأصول المخصصة للامتيازات، فان إجمالي عوائد الخصخصة أو بيع ممتلكات الدولة يتراوح بين 12 مليار دولار كحد أدنى، و22 ملياراً كحد أقصى، أي بمتوسط 17 مليار دولار”. فيما الخسائر هي بحدود 50 ملياراً.

يلفت وزير الدولة لشؤون تكنولوجيا المعلومات السابق والخبير في الشأن المصرفي عادل أفيوني، إلى أن طرح استعمال أصول الدولة ساقط لـ3 أسباب رئيسية:

الأول، أن المصرف المركزي هو مؤسسة مستقلة عن الدولة. والمصارف لم تحصل على ضمانة بأصول الدولة أو ممتلكاتها عندما أقرضت المركزي.

الثاني، يعرّض أصول الدولة والمصرف المركزي على حد سواء لمخاطر حاملي السندات الأجنبية.

الثالث، أصول الدولة هي ملك عام يعود إلى كل المواطنين. ومن غير المنطقي تسخيرها لمكون واحد في المجتمع المتمثل بالمصارف.

الحل إذاً، يجب أن يبدأ باعادة هيكلة القطاع المصرفي على قواعد وأسس واضحة تضمن حقوق المودعين من جهة، ولا تعرض أصول الدولة من الجهة الثانية إلى البيع مجاناً، فقط من أجل إنقاذ الكيانات المصرفية ومختلف المودعين على حد سواء. وإذا كان للبد من الخصخصة لبعض الأصول فهي تتم بما يحقق مصلحة كامل الوطن والمواطنين ومن موقع القوة وليس الضعف.

 

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةالأزمة الإقتصادية تفرض شحّ الخدمات… والسبب التعثّر المالي
المقالة القادمةسلام يُلزم أصحاب المولّدات الخاصة بتركيب عدادات على نفقتهم خلال هذه المدة