بلغ لبنان تحت حكم أكثرية 8 آذار أرذل عهوده على امتداد التاريخ، حيث أضحى اللبناني حرفياً “يشحذ اللقمة” ويعيش من “قلة الموت”، تحت ردم الانهيارات المنهمرة فوق رؤوس الناس ساحقةً أرزاقهم وماسحةً بالأرض كراماتهم…
الليرة خسرت 100% من قيمتها، والدولار انتهك حرمات البيوت المستورة، ومشهديات الذل تتناسل عند أبواب الدكاكين والسوبرماركات والصيدليات والمستشفيات… المحلات أغلقت أبوابها، الناس أفلست، راتب الموظف بات يقاس بالسنتات، “شريعة الغاب” بدأت تسود والبقاء بات للأقوى.
وإلى الأحوال المعيشية المتقهقرة، بالكاد تجنب اللبنانيون أمس ملاقاة مصيرهم الجهنمي “على العتمة” نهاية الشهر، بعدما أسفر ابتزاز وزارة الطاقة عن تقديم اللجان النيابية المشتركة “فدية مالية” بقيمة 200 مليون دولار “لتغذية التيار الكهربائي والتيار الوطني الحر”، كما وصفتها مصادر نيابية، موضحةً أنّ إقرار سلفة الخزينة لمؤسسة كهرباء لبنان بموجب اقتراح القانون المعجّل المكرّر المقدّم من نواب “التيار”، أتى نتيجة سياسة “الابتزاز التي مارستها وزارة الطاقة بحق اللبنانيين وخيّرتهم من خلالها بين السلفة والعتمة، فكان لا بد من الاختيار بين خيارين أحلاهما مرّ لمنع وقوع اللبنانيين في عتمة شاملة”.
أما على ضفة المعترضين، فبرز تصدي كل من كتلتي “اللقاء الديمقراطي” و”الجمهورية القوية” لإقرار السلفة انطلاقاً من القناعة الراسخة بعقم تمويل وزارة الطاقة على حساب الخزينة وأموال المودعين، من دون إقدامها على أي خطوة إصلاحية على امتداد السنوات الخمس عشرة الأخيرة حتى راكمت الجزء الأكبر من مليارات الدين العام.
في حين كان تأكيد من رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على أن كتلته النيابية كما صوتت في اللجان المشتركة ضد السلفة “كذلك ستصوّت في الهيئة العامة”، وقال متوجّهاً إلى وزارة الطاقة: “بدنا نخلص من سما دين ربّكن بقى”، فمنذ 15 عاماً يتم تكرار نفس “الترجومة” في كل عام وهي أعطونا سلفة للكهرباء وستقوم وزارة الطاقة بالإصلاحات اللازمة”