يغلي لبنان على صفيح ساخن، إذ تنتهي ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قريبا وليس في الأفق ما يدل على أن حكومة تصريف الأعمال ستجتمع لتعيين حاكم جديد مع رفض حزب الله أن تتولى الحكومة التعيينات الإدارية، وهو ما حدث مع مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم الذي لم يمدد له مع انتهاء ولايته ولم يعين بديل له أيضا، إضافة إلى رفض نواب الحاكم الأربعة استلام مهامه مؤقتا.
وقال مكتب رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي الاثنين إنه لن يُمدد لحاكم مصرف لبنان (البنك المركزي) في منصبه عندما تنتهي فترة عمله في وقت لاحق من هذا الشهر.
وتنتهي فترة عمل سلامة في 31 يوليو. وألقت اتهامات في الداخل والخارج باختلاسه أموالا عامة بظلالها على فترة ولايته الممتدة منذ 30 عاما. وينفي سلامة التهم الموجهة إليه.
وقال مكتب ميقاتي في بيان إن للمنصب قانونا ينص على أن النائب الأول للحاكم سيتولى مهام الحاكم حتى تعيين حاكم جديد.
وأضاف “القانون لا ينص على الفراغ والمؤسسات تستكمل أعمالها من خلال نائب الحاكم الأول والنواب الباقين”.
وتابع البيان “أهم شيء عدم حصول شغور في المصرف المركزي لأنه العصب المالي بالبلد”.
وكان أحد نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة قد أبلغ رويترز بأنهم يفكرون في الاستقالة معا إذا لم يتم تعيين خليفة له، مما يزيد من احتمال شغور منصب الحاكم وسط أزمة مالية عميقة.
وقال سعادة الشامي نائب رئيس الوزراء الأسبوع الماضي إن مثل هذا التهديد “خطير للغاية” وإنه يتعين على نواب الحاكم “تحمل مسؤوليتهم في حالة تعذر هذا التعيين”.
ويقول مراقبون إنه في نهاية الأمر، عند سقوط جميع المساعي لحلّ أزمة الحاكمية، هناك المادّة 18 من قانون النقد والتسليف التي لن يدير لها نائب الحاكم الأوّل وسيم منصوري ظهره، ولا باقي نوّاب الحاكم، والتي تتيح للأخير تسلّم مهامّ حاكم مصرف لبنان إلى حين تعيين حاكم أصيل.
ونائب الحاكم، وفق مصادر قانونية، محكوم بهذا الواجب الوظيفي وإلّا صُنّف الأمر إخلالاً وظيفياً تترتّب عليه مسؤوليات، وينطبق الأمر نفسه على نواب الحاكم إذا أعلنوا استقالتهم التي سترفضها الحكومة إذا حصلت.
وتتعقد جهود إيجاد خليفة لسلامة بسبب انهيار أنظمة الحكم وتصاعد التوتر السياسي في البلاد. وعادة ما يعين رئيس البلاد حاكم مصرف لبنان المركزي، لكن مجلس النواب (البرلمان) لم ينتخب حتى الآن خليفة للرئيس السابق ميشال عون الذي انتهت فترة رئاسته في أواخر أكتوبر الماضي.
وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو من أنصار سلامة منذ فترة طويلة، للصحافيين الاثنين إن “الضرورات تبيح المحظورات”، في إشارة إلى أن على حكومة تصريف الأعمال تعيين حاكم للمصرف.
لكنه أضاف “سوف أحترم ما أعلنه رئيس الحكومة في هذا المجال لجهة أنه لا تعيين ولا تمديد”.
وعلى الرغم من المعوّقات الكبيرة التي تحول دون تعيين مَن يخلف سلامة في حاكمية مصرف لبنان، تشير معطيات إلى أنّ خيار التعيين لم يُدفن تماماً بعد، وما يزال يُعمل عليه سرّاً، إذ أن الخلاف الحقيقي هو على الاسم لا على الآليّة أو المبدأ.
ويحمّل العديد من اللبنانيين سلامة والنخبة الحاكمة الموجودة منذ فترة طويلة مسؤولية الانهيار المالي للبنان. ويقول سلامة إنه كبش فداء لهذا الانهيار الذي أعقب فسادا وإسرافا في إنفاق الساسة على مدى عقود.
وظل سلامة لسنوات قريبا جدا من السلطة. ودافع عنه ميقاتي في أواخر عام 2021، قائلا إنه يجب أن يظل في منصبه حتى مع بدء تحقيقات معه بشأن عمليات كسب غير مشروع. وأضاف أنه لا أحد يغير ضباطه في أثناء الحرب. لكن في الآونة الأخيرة، يبدو أن سلامة في عزلة متزايدة.