فقراء لبنان غير آمنين غذائياً: أوقفوا الدعم وأقرّوا البطاقة التموينية

تحبس بيروت أنفاسها انتظاراً لحكومةٍ تنقذُ ما تيسَّر من سوء تصريف الأعمال، ولما ستجترحه من حلول تصل مباشرة إلى جيب الفقراء، إذ تستمّر اليوم أسعار السلع الغذائية في الأسواق اللبنانية بالارتفاع، لتسجّل أعلى أسعار منذ تدهور سعر الليرة اللبنانية مقابل الدولار، متأثرة بتقلّباته السريعة بين ارتفاع وانخفاض متواصل على مدار الساعة، مقابل وعود بالتمويل والإصلاح والحدّ من انفلات الأسواق، لا تتحقّق على الإطلاق.

شهدت أسعار السلع التموينية الارتفاع الأكبر في الأسواق اللبنانية منذ 10 سنوات، إذ وصل سعر كيلوغرام الأرز المصري، وللمرة الأولى إلى 13000 ليرة، وتجاوز سعر كيلوغرام العدس الأحمر 21500 ليرة والعدس الأبيض 24500 ليرة والمجروش 22000 ليرة. وطاول ارتفاع الأسعار اللحوم، ليسجّل كيلو لحم البقر 55000 والغنم أعلى سعر، بعد تخطّيه 110 آلاف ليرة للكيلوغرام الواحد و23000 للدجاج، فضلاً عن أزمة مزمنة استفحلت في تأمين حليب الأطفال. ولم تسلم الخضر والفواكه من حمى الأسعار المرتفعة بعد تراجع سعر الليرة وتأثّر الزراعات المحمية بغلاء أسعار العلف وبتهريبه إلى سوريا عبر المسالك غير الشرعية، بحيث بات سعر كيلو البندورة 4750 ليرة وكيلو الحامض 4500 ليرة لبنانية والبصل 7000! الأرقام تفيد بأنّ هذه السلع زادت فاتورتها بين 75 و 85%، ومنها ما “دوبل” بظرف أشهر بسيطة، مع انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين واتساع طبقة الفقراء والمتعثّرين، وهو ما دفع ببعض “سماسرة الأزمات” إلى استغلال الشدّة الدائرة رحاها لجني أرباح سريعة على حساب المواطنين الذين يواجهون أزمات معيشية طاحنة وإجراءات تفتك بكبار السنّ أولاً. لا يختلف اثنان على أنّ معظم العائلات اللبنانية تعاني فقراً مالياً شديداً وبطالة في أحد أفرادها وغياباً وتغييباً للحلول.

في سياق متصل، وفي تبرير عدم عرض جميع المواد المدعومة وتخزينها، بدا أنّ أصحاب السوبرماركات يكثفون جهودهم حالياً لزيادة شريحة المتلقّين للمواد المدعومة، بحيث يندفع البعض دفعة واحدة ويسحبونها، وأنّ لديهم كتجار “كوتا” محدّدة شهرياً يتلقونها، وعليه لا يمكنهم طرح كلّ ما لديهم على الرفوف ويفضلون البيع التدريجي لكل ما هو مدعوم، بذريعة أنه يمكن أن ينتهي خلال يومين كحدّ أقصى، ولا يمكن حظر أو منع أحد من شراء ما يطلبه، في حين أنّ هناك من يأتي إلى الهايبرماركات “كمجموعة” ومن ثم يفترقون لـ”قشّ” كلّ ما هو رخيص. الحلّ هنا، قد يكون أيضاً بوقف الدعم واعتماد قانون البطاقة التموينية الذي طرحه النائبان جورج عقيص وبيار بو عاصي “بشأن الدعم الموجّه إلى العائلات الأكثر حاجة بواسطة البطاقة التموينية الالكترونية”، الذي يحضر البيئة القانونية والإدارية اللازمة لادارة الفقر في لبنان على “حلم” أن توزّع بشكل عادل على مستحقّيها، عبر اعتماد “طموح” لأنظمة رقابة صارمة تمنع تسييس هذه المساعدات وتوزيعها بشكل استنسابي، تحاصصي وزبائني.

مصدرنداء الوطن - مريم مجدولين لحام
المادة السابقةذهب لبنان مهدّد بملاقاة مصير الإحتياطي الإلزامي
المقالة القادمةموظفو الإدارة العامة: الدوام يومان أسبوعياً