قرار رسمي ضمني بتحرير سعر صرف الليرة!

عاد «الكابيتال كونترول» إلى الواجهة في الأسابيع الماضية بعد ما يُقارب العام بعد فشل الاتفاق على مشروع مع صندوق النقد الدولي. وقد تمّ تسريب صيغة مشروع قانون «الكابيتال كونترول» في صيغته النهائية، وفي أغلب الظن أنه لدسّ نبض ردود الفعل والإعتراضات عليه وبهدف تسويقه أمام رأي عام لا يعلم بالضرورة ماهية وهدف الكابيتال كونترول عامة وإذا ما كانت الصيغة الحالية ستسمح بحماية أموال المودعين أم لا.

الملاحظات على هذا المشروع عديدة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

أولا ـ لا يوجد حكومة أصيلة خلف مشروع القانون هذا وبالتالي فإن إقراره يعني بكل بساطة ألا آفاق عملية أو زمنية له على الرغم من تحديد فترة سنة قابلة للتجديد.

ثانيًا ـ تنص الفقرة «أ» من المادّة الثانية على أن سقف السحوبات للمودعين هو 20 مليون ليرة لبنانية شهريًا. وهنا يُطرح سؤال جوهري: من أين ستأتي المصارف بهذا الكمّ من الليرة اللبنانية؟! ألن يتمّ طبع العملة من أجلّ تلبية هذا الطلب الذي سيكون هائلا من دون أدنى شكّ؟! في الواقع التقديرات الأوّلية أن حجم الكتلة النقدية سيتضاعف في فترة لا تتجاوز العام!

ثالثًا ـ تنصّ الفقرة «ج» من المادّة الثانية على أنه يمكن لأصحاب الودائع بالعملة الصعبة أن يسحبوا أموالهم بالليرة اللبنانية على أن يتمّ الأخذ في الاعتبار «أسعار السوق الرائجة». هذا الأمر يعني إعترافًا ضمنيًا من قبل المُشرّع اللبناني بتحرير كامل لسعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي مع ما يحمله هذا الأمر من مخاطر من ناحية سدّ القروض وأسعار السلع الأخرى (خصوصًا المدعومة)، وبالتالي تُرك المواطن اللبناني في وسط العاصفة يُحارب وحده كما كان الحال في الثمانينات والتسعينات.

رابعًا ـ إستثنت الفقرة الرابعة من المادّة نفسها من مشروع القانون السحوبات النقدية من الودائع بالعملة الأجنبية التي تكوّنت من تحويلات من الليرة اللبنانية بعد العام 2016. وبالتالي قام المجلس النيابي بخلق دولار جديد هو الدولار المصرفي غير القابل للسحب على سعر السوق الرائجة والناتج عن تحويلات من الليرة اللبنانية!

خامسًا ـ نصّت الفقرة الخامسة من المادة نفسها على منع التحويل من الليرة اللبنانية إلى العملة الصعبة إلا في حال توفّر التغطية النقدية الكافية لدى المصرف.

سادسًا ـ الفقرة 1 من المادّة الثانية عرفت «الأموال الجديدة» من دون أن تُحدّد التاريخ مما يعني أن كل الأموال التي تمّ تحويلها من الحسابات المصرفية من خارج لبنان إلى لبنان قبل تاريخ إقرار القانون غير مشمولة وهذا غير عادل للمودعين أيضاً.

سابعًاـ إستثنت الفقرة الثانية من المادة الثانية أموال المؤسسات الماليّة الدوليّة والسفارات الأجنبية والمنظمات الدوليّة والإقليميّة والعربية.

ثامنًا ـ نصّت النقطة «د» من الفقرة الثانية من المادّة الثالثة على إستثناء من يريد تسديد نفقات في الخارج عائدة للاشتراكات والتطبيقات على الإنترنت

تاسعًا ـ نصّت الفقرة «ثانيًا» من المادّة الثالثة على ألا يتعدّى السقف لكل الفئات المُستثناة من منع التحويل، الـ 50 ألف دولار أميركي سنويًا.

على كل الأحوال، لائحة المُلاحظات على قانون الكابيتال كونترول تطول ووجب علينا علميًا إظهار بعضها علّها تصل إلى آذان المعنيين ليعلموا ضرورة تشكيل حكومة تتحمّل مسؤولياتها (الدين العام مثلا!) ويكون فيها قانون كابيتال كونترول عادل ومُحكَمْ جزءًا من خطتها، لا قانونًا أعرج تعتريه النواقص والثغرات سعياً وراء رضا صوري لرأي عام على بعد عام من الانتخابات النيابية.

مصدرجريدة الديار - بروفسور جاسم عجاقة
المادة السابقةالأسمر : الوضع كارثي مع الصرف التعسفي وتراجع فرص العمل وانهيار سعر الصرف
المقالة القادمةأوروبا تعول على إمدادات الغاز الروسي عبر “السيل الشمالي-2” في أقرب وقت