قصة إبتزاز بـ246 مليون دولار!

عندما قرَّرت القوى الدولية مقاطعة منظومة السلطة، وتمرير مساعداتها حصراً من خلال الجمعيات الأهلية، اعتمدت هذه المنظومة خطةً خبيثة لإفشال القرار، بطريقتين:

1- «خردقة» الجمعيات الأهلية بـ»أحصنة طروادة» لإفشال دورها وتشويه صورتها في المجتمع الدولي. وتردَّد أنّ بعض هذه الجمعيات «ضُبِط» وهو يعمل لمصلحة منظومة الفساد أيضاً.

2- إستخدام هذه المنظومة «خطوط المصالح القديمة» مع البنك الدولي وسائر المؤسسات المانحة، وطواقم إدارييها العاملين في لبنان والخارج.

عندما أقرَّت الدول المانحة دعم العائلات الأكثر فقراً في لبنان بقرض الـ246 مليون دولار، وجدت منظومة السلطة فرصتها للإستيلاء على هذه «الغنيمة الدسمة» في «زمن الشحّ»، علماً أنّ كلاماً كثيراً يتمّ تداوله حول الهدر واعتباطية التوزيع في مجمل المساعدات التي وصلت سابقاً، والتي خُصِّصت لـ»الكورونا» والفقر والنازحين وضحايا انفجار المرفأ.

منذ اللحظة الأولى، خطَّطت المنظومة للاستيلاء على المبلغ كله تقريباً، من خلال تقسيمه إلى 3 أجزاء:

1- إبتلاع نسبة كبيرة منه عن طريق التلاعب بفارق سعر الصرف. أي بتوزيعه بالليرة اللبنانية لا بالدولار كما تمّ صرفه. وبعد مناقشات، تمّ اعتماد سعر 6240 ليرة للدولار.

ولكن، اليوم، مع صعود الدولار إلى 13 ألفاً أو أكثر، فإنّ المبلغ المنهوب سيزيد على الـ55%. وإذا «طار» الدولار كما يُشاع فستكون منظومة السلطة قد وضعت يدها على أكثر من 200 مليون دولار هي في الأساس قرضٌ سيسدِّده الشعب اللبناني لاحقاً. وهي تضاف إلى الـ200 مليون التي جرى اقتطاعها من الودائع لـ»تتعكَّز» عليها كهرباء لبنان شهرين إضافيين.

2- الجزء الثاني من القرض كان مقرّراً نهبُه من طريق تخصيص مبلغ كبير جداً تحت عنوان «إدارة القرض». وفي الصيغة الأولى للاتفاق، كانت المنظومة السياسية ترغب في تخصيص مبلغ يقارب الـ30 مليون دولار من القرض للفريق الذي سيديره وللخطط المطلوبة.

3- بعد «تصفية» المبلغ بالدولار وتحويله إلى الليرة اللبنانية عند مستوى متدنٍّ جداً، يتمّ توزيع المبالغ على الناس. وهنا يولد باب جديد من أبواب الهدر. ففي الدولة التي تسود فيها الظنون حول كل شيء، مَن سيحدِّد لوائح المستفيدين، وتقرير مَن هم الذين تحت خط الفقر؟

اليوم، يتكرَّر السيناريو مع فضيحة الـ246 مليون دولار التي تصرّ منظومة الفساد على سرقتها. وتمارس هذه المنظومة عملية ابتزاز في الملف الإنساني والاجتماعي الحسَّاس: فإما أن يرضخ المجتمع الدولي لشروط الفساد كما فعل غالباً، وإما أن يتحمّل المسؤولية عن جوع وفوضى يهدِّدان استقرار لبنان، كركيزة لاستقرار الشرق الأوسط.

 

مصدرجريدة الجمهورية - طوني عيسى
المادة السابقةبحصلي: الخوف من انقطاع الدولار في الأسواق ما سيؤدي إلى فقدان البضائع
المقالة القادمةطلاب يربحون نزاع الأقساط مع إحدى أكبر الجامعات الخاصة