قطاع المعاينة الميكانيكية

النظام الخاص لإجراء الكشف الميكانيكي على السيّارات والمركبات والمقطورات أي «المعاينة الميكانيكية» المُعتبَرة شرطًا أساسيًا لدفع رسوم الميكانيك السنوية، صدر بالمرسوم رقم 7577 تاريخ 8/3/2002 وأجاز لوزارة الداخلية والبلديات إجراء مناقصة لاختيار شركة إدارة لقاء «جعالة» للدولة عن كل معاينة، ففازت شركة «فال» لمدة 9 سنوات انتهت عام 2012، وانتقلت ملكية القطاع رسمياً إلى الدولة منذ بداية عام 2013 لتصبح كل الإنشاءات والتجهيزات والمعدات ملكًا للدولة دون مقابل.

رحلة «المعاينة الميكانيكية» التي كان من المفترض أن تكون سهلة على المواطن – بفعل وجود قرار بإنشاء 17 مركز معاينة بقي حبرًا على ورق – تحوّلت إلى عذاب للمواطن الذي يضطر إلى الرضوخ للأمر الواقع فيستأجر دولابًا أو بطّارية ليدخل ويخرج لإعادتها. ومع ضبابية الأرقام المحقَّقة من قبل الشركة فإن أرباحها – حسب مصادر مطّلعة – تجاوزت 8 ملايين دولار أميركي سنويًا كما إنها استعادت رأسمال التجهيز والتشغيل في نهاية السنة الأولى من الإلتزام، فاستطابت الشركة طعمَ هذا الإلتزام وسَعَت بمختلف الأساليب إلى الاحتفاظ به ما استطاعت.

وبالفعل وقّعت شركة «فال» عقدًا بالتراضي مع الدولة بتاريخ 5 نيسان 2013 جاء خاليًا من أي نصوص تتعلق بصيانة أو حماية التجهيزات التي باتت ملكيتها للدولة، وأعفى الشركة من مسؤوليتها عن تحديثها وتطويرها وصيانتها لتبقى بحالة ممتازة عند إعادتها.

وعام 2016 أجرت هيئة إدارة السير مناقصة لتلزيم إدارة المعاينة تمّ بنتيجتها إرساء الصفقة وفقا للأصول على شركة SGS، لكن شركة مشاركة بالمناقصة طعنت بها أمام مجلس شورى الدولة لكون الهيئة غير مختصّة لطرحها، فأصدر المجلس قرارًا بإبطالها واستمرّت شركة «فال» بتشغيل المعاينة تحت عنوان «إستمرارية المَرفِق العام» لحين حصول مناقصة جديدة. وبالرغم من الثغرات التي أشار إليها المدّعي العام لدى ديوان المحاسبة القاضي فوزي خميس وكانت سببًا لاعتراضه، لم تعدم «فال» وسيلة للإستمرار في العناية «بالدجاجة التي تبيض ذهبًا» حتى يومنا هذا، دون أن تزعجها صرخات الناس واتّحادات النقل البريّ.

طريق الخلاص تمرّ في هذا القطاع، فالحكومة مُطالبة بطرح مناقصة شفّافة بعيدة عن الشوائب التي تستدعي الطعن بها ثانيةً، تضمن تحسين الشروط فتخفّض بدلات المعاينة وتُزاد حصّة الدولة، وتتأمّن استمرارية المَرفِق العام دون حاجة إلى خدمات الشركة الحالية رأفةً بالمواطن وبالخزينة.