قفزة الأسعار عالميا تضع تكاليف الشحن البحري في مسار متصاعد

وضعت سرعة الطلب على السلع وارتفاع أسعارها الجنوني في أعقاب تخفيف العديد من البلدان القيود على التنقل بعد حملات التطعيمات ضد فايروس كورونا تكاليف الشحن البحري في مسار متصاعد يتوقع معظم المحللين أنه سيستمر لبعض الوقت. ولعل أكبر دليل على ذلك ما تم تسجيله الاثنين الماضي من زيادة هي العاشرة على التوالي في مؤشر البلطيق الجاف، وهو معيار لقياس تكلفة نقل السلع التي ارتفعت إلى أعلى مستوى منذ 11 عاما.

ورغم أن الأسعار المرتفعة تمثل مصدر أرباحٍ كبيرة لعمالقة قطاع الشحن البحري، بما في ذلك ميرسك الدنماركية وشركة كوسكو شيبنغ هولدنغز الصينية، إلا أنها تزيد من صعوبة استيعاب المستوردين للتكاليف المرتفعة. ويقوم بعض المستوردين برفع أسعار التجزئة، مما يزيد من الضغوط التضخمية التي تشكل مصدر قلق بالنسبة إلى البنوك المركزية، بينما تعيق اختناقات العرض المرتبطة بالجائحة النشاط الاقتصادي في الوقت ّذاته.

ونسبت وكالة بلومبرغ إلى يان ريندبو الرئيس التنفيذي لشركة الشحن الجاف دي.أس نوردن، والتي تشغل أكثر من 500 سفينة، قوله إنه “في بداية العام كان الناس يعتقدون أنَّ قفزة الأسعار هي زيادة قصيرة الأمد، لكنَّهم الآن يرونها زيادة هيكلية طويلة الأمد”. وحقَّق الطلب على شحن المواد الخام، مثل الفحم، وخام الحديد قفزة خلال العام الحالي، متجاوزاً نمو أسطول النقل مع انتعاش الاقتصاد بعد الضرر الناجم عن الجائحة. كما فاقمت الاضطرابات المرتبطة بالجائحة أيضاً مشكلة نقص المعروض من سفن الشحن، مما جعل مالكيها يتحكمون في السوق.

ووفقا لبيانات بورصة البلطيق قفزت أجور ناقلات البضائع السائبة العملاقة 2 في المئة إلى 50.7 ألف دولار، وهو أعلى مستوى تبلغه منذ عام 2014 رغم أن العقود الآجلة تشير إلى استمرار التوقُّعات المتفائلة. ومن المرجح أن ترتفع الشحنات المنقولة بحرا في تجارة خام الحديد 4 في المئة إلى 1.56 مليار طن خلال العام الحالي، في أكبر زيادة منذ 2017، كما تشير إلى ذلك شركة كلاركسون لخدمات البحوث التابعة لمجموعة كلاركسون، وهي أكبر شركات الخدمات الملاحية في العالم.

ومن المحتمل أن تزيد تجارة الشحنات الجافة بشكل عام بنحو 4.2 في المئة على أساس سنوي في العام الحالي ثم بنسبة 1.7 في المئة خلال عام 2022. في المقابل سيتخلَّف نمو أسطول النقل البحري على الأرجح عن معدل نمو الشحنات، إذ ستنمو الطاقة الاستيعابية بنسبة 3.3 في المئة خلال العام الحالي، وبنسبة 1.4 في المئة في نهاية العام المقبل. وقال يورغن ليان، محلل الأسهم لدى بنك دي.أن.بي بانك، “تبدو الحياة وردية للغاية بالنسبة إلى عالم الشحن الجاف، بدأ هذا الانتعاش يتكوَّن منذ الصيف الماضي، وتسارعت وتيرته خلال العام الحالي بسبب تعافي حركة التجارة في مرحلة ما بعد كوفيد – 19”. ويرى إيريك هافلدسن، محلل قطاع الشحن لدى شركة باريتو سيكيوريتيز النرويجية، أنه إذا استمرت سوق السلع الأولية قوية فإن أسعار الشحن قد تظلُّ مرتفعة خاصة مع اقتراب فصل الشتاء والطفرة التي شهدها مجال استيراد الفحم.

ويأتي هذا الأمر فيما أعلنت بكين عن عودة محطة حاويات ميشان في ميناء نينجبو الصيني، ثالث أشد موانئ العالم ازدحاما، إلى العمل الأربعاء بعد نحو أسبوعين من الإغلاق في إطار إجراءات منع انتشار الجائحة. ويقول خالد هاشم، العضو المنتدب في شركة بريشاس شيبين في مقابلة مع تلفزيون رويترز إنَّ “الطلب على المواد الخام يتزايد، ولم يصل إلى ذروته بعد”، لكنه رجح أن تستمر أسعار الشحن في التحليق، إذ يقلل ازدحام الموانئ الصينية من العرض الفعَّال للسفن الناقلة.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةالمنطقة العربية أمام فرصة تعزيز التحول الرقمي في قطاع التعدين
المقالة القادمةلبنان حصل على حصّته من حقوق السحب الخاصة من “النقد الدولي”