كبير اقتصاديي معهد التمويل الدولي: الانــهيار الاقتصادي الشامل بات وشيكاً

حذّر كبير الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «معهد التمويل الدولي» غربيس إيراديان من مخاطر الانهيار الاقتصادي الكامل، متوقعاً ان الانهيار المالي للبنان بات وشيكاً، اذا لم يضع القادة السياسيون في لبنان خلافاتهم جانباً في المدى القريب. وقال في حديث شامل لـ«الجمهورية» انه كما توقّع في السيناريو المتشائم الذي قدمه في تقريره الصادر في أيلول 2021 ، تواصل النخبة السياسية الفاسدة للغاية عرقلة تنفيذ الإصلاحات الحاسمة، بما في ذلك التدقيق الكامل لحسابات البنك المركزي، وتأخير الموافقة على قانون مراقبة رأس المال capital control لأسباب واضحة ومعروفة.

• ما هي تقديراتك المعدّلة للاقتصاد اللبناني في العام 2021؟

– تقلص الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 10٪ في عام 2021 ما أدى إلى انكماش تراكمي بنسبة 45٪ في الفترة الممتدة من 2018 إلى 2021.

وقد ارتفع معدل التضخم إلى 206٪ في كانون الاول 2021 على أساس سنوي، نتيجة انهيار الليرة وتأثير ذلك على الاسعار، ونتيجة رفع الدعم عن الوقود مؤخرا.

تُظهر تقديراتي أن عجز الحساب الجاري ارتفع من حوالى 3 مليارات دولار في العام 2020 إلى 6.2 مليارات دولار في العام 2021 ويرجع ذلك أساساً إلى انخفاض الصادرات من حيث الحجم والقيمة، وزيادة قيمة الواردات على خلفية ارتفاع أسعار السلع العالمية، خصوصاً النفط، والتعافي الجزئي في حجم الواردات (تستند هذه التقديرات إلى أرقام الشركاء التجاريين المتاحة للأشهر التسعة الأولى من عام 2021). وفي غياب تدفقات رأس المال، أدى العجز الكبير في الحساب الجاري إلى انخفاض الاحتياطيات الرسمية، باستثناء حيازات السندات الدولية، من 18 مليار دولار في كانون الاول 2020 إلى 13 مليار دولار في نهاية عام 2021، منها حوالى 12 مليار دولار في شكل احتياطيات إلزامية.

وتم إحراز تقدم كبير في عملية التصحيح المالي على خلفية الانخفاض الحاد في الإنفاق الحكومي بالقيمة الحقيقية. وواصَل الإنفاق الحكومي الأساسي الذي يستثني خدمة الدين انخفاضه من 21٪ من الناتج المحلي الإجمالي في 2019 إلى 18٪ من الناتج المحلي الإجمالي في 2020 والى نحو 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي في 2021 وفقاً للتقديرات. وقد قابل ذلك جزئياً انخفاض الإيرادات الحكومية بالأرقام الحقيقية وكنسبة مئوية من إجمالي الناتج المحلي، حيث انخفضت من حوالى 16٪ من إجمالي الناتج المحلي في عام 2020 إلى 10٪ من إجمالي الناتج المحلي في عام 2021. ويعزى انهيار الإيرادات الحكومية إلى حد كبير إلى استخدام السعر الرسمي في معظم حسابات الإيرادات الضريبية من الواردات (ضريبة القيمة المضافة والجمارك وغيرها)، والى واردات الوقود والمنتجات الأساسية الأخرى التي تم تهريبها جزئيا إلى سوريا. ومع ذلك، قد يكون الرصيد الأولي تحوّل من عجز قدره 1.9٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020 إلى فائض صغير قدره 0.2٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021. وتتفق هذه النتيجة مع الأرقام الفعلية للنصف الأول من عام 2021.

• ما هي توقعاتك للاقتصاد في ظل الشلل السياسي والتأخير في الاتفاق مع صندوق النقد الدولي؟

– إن لم يضع القادة السياسيون في لبنان خلافاتهم جانباً في المدى القريب، فإنّ مخاطر الانهيار الاقتصادي الكامل والانهيار المالي للبنان باتت وشيكة.

تستمرّ الاجتماعات الفنية مع صندوق النقد الدولي، وهناك أخيراً اتفاق على قيمة الخسائر المالية بقيمة 69 مليار دولار. كما انّ التعديل المالي الذي حصل في العامين الماضيين أمر مشجع، علماً انه كان مدفوعاً بالانخفاض الحاد في الإنفاق الحكومي الأولي بالقيمة الحقيقية وكنسبة مئوية من إجمالي الناتج المحلي. على الصعيد المالي، أتوقع أن يركّز برنامج صندوق النقد الدولي المحتمل بشكل أكبر على حشد إيرادات إضافية من خلال مكافحة التهرب الضريبي واستخدام سعر الصرف المناسب لحساب الإيرادات المقومة بالعملات الأجنبية، مثل الجمارك وضريبة القيمة المضافة المحددة.

وقد يكون نائب رئيس الوزراء وفريقه، قد أعدّوا بالفعل برنامجا اقتصاديا جديدا تمهيديا، باستخدام جزئي لخطة الإصلاح المالي (FRP) التي صاغتها الحكومة السابقة والتي تعتبر شاملة، والتي تلقفها صندوق النقد الدولي والمجتمع الدولي بشكل جيّد. تتضمّن الخطة معظم التدابير المالية والاجتماعية والهيكلية اللازمة في إطار السياسة المالية (بما في ذلك معالجة التهرّب الضريبي واعادة هيكلة مؤسسة كهرباء لبنان والمؤسسات الأخرى المملوكة للدولة، وتطبيق قانون الشراء العام، وإصلاح شبكة الحماية الاجتماعية، وبرنامج مكافحة الفساد، وتوحيد سعر الصرف المتعدد والسماح بتحديده من خلال قوى السوق).

من المتوقع أن يزور فريق صندوق النقد الدولي بيروت في 17 كانون الثاني لبضعة أسابيع لمواصلة المفاوضات مع السلطات.

• هل انّ تعديل سعر الصرف الرسمي سيكون فعّالاً في غياب برنامج إصلاحات اقتصادية يدعمه صندوق النقد الدولي؟

– في غياب إصلاح اقتصادي شامل يدعمه برنامج صندوق النقد الدولي والمجتمع الدولي، لن يكون أي تغيير في سعر الصرف الرسمي فعالاً وستسود أسعار الصرف المتعددة مع استمرار انخفاض سعر صرف الليرة في السوق السوداء. يتوقف التوحيد الناجح على الائتمان الأساسي المُتّسِق والسياسات المالية والإصلاحات الشاملة وتدفقات رؤوس المال الخارجية الكافية. وبدون دعم من سياسات الاقتصاد الكلي، لن يؤدّي خفض قيمة السعر الرسمي إلى تقليص الفارق بين الأسعار الرسمية والموازية، في المدى المتوسط في غياب تعديل مالي قوي وسياسة نقدية أكثر صرامة، وتحرير نظام سوق الصرف. أعتقد أنّ مصرف لبنان قد نسّق أو سينسق مع صندوق النقد الدولي قبل رفع سعر الصرف الرسمي.

 

مصدرالجمهورية - رنى سعرتي
المادة السابقةزيادة تعرفة الكهرباء تمويلٌ للهدر من أموال الناس
المقالة القادمةتواصل بين ميقاتي وسلامة لإيجاد حل لضبط تطبيقات الدولار