كلفة بدل النقل: متى «دولار الركّاب»؟

باتت كلفة الخروج من المنزل «خربان بيوت» لكثير من الموظفين الذين صار الفارق شاسعاً بين ما يحصّلونه من رواتب وما يدفعونه على الطرقات. بعض المؤسسات حاولت ابتكار حلولٍ ولو مؤقتة تعفيها من خسارة موظفيها، فلجأت إلى اعتماد المداورة في العمل وتخفيض عدد أيام العمل الفعلية، ومن بينها المؤسسة العسكرية التي اتخذت سلسلة إجراءات لتخفيف كلفة النقل على العسكريين، منها التعاقد مع باصات عمومية لتأمين نقل العسكريين على أساس التسعيرة السابقة لقاء تأمين محروقات لها أو رصد بدلات شهرية للسائقين. وفي ما يخص المتنقّلين بسياراتهم الخاصة، خفّضت المؤسسة «مشاوير الخدمة» من 5 إلى 3 شهرياً. لكنّ تلك الإجراءات تبقى عاجزة عن سد الثغر التي تتسبب بها أزمة المحروقات.

أما «البوسطات» فلا تشمل كل «الخطوط» ولا توقيت محدداً لها، ويضطر العسكري إلى الخروج باكراً جداً من البيت للحاق بها. أما من لا «يلحق» فعليه تحمّل «الكارثة»، على ما يقول أحد العسكريين الذي يسكن في رياق البقاعية ويخدم في مدينة طرابلس، إذ «يكلفني المشوار بين 90 و100 ألف ليرة: 50 ألفاً من رياق إلى دوار الصياد في بيروت، و10 آلاف من الدوار إلى الكرنتينا، و30 ألفاً على الأقل من الكرنتينا إلى طرابلس».

قدّرت دراسة «الدولية للمعلومات» ارتفاع كلفة الخروج من المنزل بعد مرحلة رفع الدعم بين «200 و400% عمّا كانت عليه قبل رفع الدعم». ورصدت الدراسة التعرفات الجديدة للنقل، وإن كانت لا تزال في إطار التقديرات، ومنها مثلاً كلفة الانتقال بالسيارة العمومية التي ارتفعت من 4 آلاف إلى 25 ألفاً وفي الباص العمومي 5 آلاف و10 آلاف وحتى 15 ألفاً بدلاً من ألفي ليرة سابقاً. أما الانتقال من بيروت إلى طرابلس فبات يكلف 40 ألف ليرة، ومن بيروت إلى شتورة 50 ألفاً.

وبحسب الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، «فإن زيادة بدل النقل من 8 إلى 24 ألف ليرة لا تعوض هذا الارتفاع في كلفة النقل، فعملياً ثمة من يدفع أكثر بحسب المناطق التي ينتقل منها إلى العاصمة أو العكس وبحسب عدد أيام التنقل، بالإضافة إلى أنه حتى ضمن المدينة قد تصل تكلفة النقل إلى أكثر من 50 ألف ليرة يومياً».

ووفق شادي فرج، مؤسس مشروع «حقوق الركاب» الذي يهدف الى تطوير النقل الشعبي، بلغت نسبة الذين كانوا يعتمدون على السيارات الخاصة قبل الأزمة حوالى 80%، ومن يعتمدون على سيارات الأجرة 18%، وشكّل من يستقلون الباصات والفانات 1.7% من السكان، فيما أقل من1% هم من المشاة وراكبي الدراجة الهوائية. وتكرّس النقل المشترك على أنه «نقل للفقراء والعمال المياومين الذين تفوح منهم رائحة العرق. وهنا تكمن المشكلة». لذلك، من وجهة نظر فرج، تشكّل هذه الأزمة «فرصة لإعادة الاعتبار إلى نقل عام آمن بكلفة عادلة ومقبولة للعمال والطلاب والموظّفين».

مصدرجريدة الأخبار - رحيل دندش
المادة السابقةثلاثة أسابيع للاتفاق مع «النقد الدولي»
المقالة القادمةلبنان الموعود بالدعم الطاقوي العربي مدعو للبدء بالإصلاحات