إرتكز اقتصاد لبنان لأكثر من 30 عاماً على قطاع السياحة والخدمات الذي اعتبر ذهب لبنان، وساهم القطاع تقليدياً بما بين 20 إلى 25% من الناتج المحلي اللبناني، وأمّن فرص عمل لنحو 25% من اليد العاملة اللبنانية، وفي العام 2010 تخطى عدد السياح المليونين ليصل المردود على الدخل القومي من المؤسسات السياحية إلى الـ10 مليارات دولار أما اليوم فأكثر من 50% من المطاعم أقفلت أبوابها. وفي مراقبة سريعة لأكثر المناطق ارتياداً سنلاحظ ان في سوق جونية – الكسليك أقفلت أكثر من 5 مطاعم أما سوق المطاعم في انطلياس فحالته “تعبانة”، كما يقول أصحاب المطاعم، فيما مطاعم الزلقا أقفلت جميعها باستثناء واحد فقط. أما مطاعم بيروت فحدث ولا حرج! منها من ضاعف أسعاره ليصبح حكراً على الطبقة الغنية لتتراوح فاتورة الفرد بين 150 و200 ألف ليرة، ومنها من فضل الإقفال، فيما بعضها الآخر وجد في النرجيلة الوسيلة الوحيدة للصمود! وقد شهدت بيروت على إقفال 2060 مطعماً بسبب انفجار 4 آب، هذا وتمّ تسريح أكثر من 65 ألف موظف من العاملين في المؤسسات السياحية من أصل 160 ألفاً مسجلين رسمياً، أي أكثر من الثلث، أما العمال الحاليون فتم تخفيض رواتبهم بنسبة وصلت إلى 50%.
وشهدت الفنادق اللبنانية العريقة وأقدمها تاريخاً موجة اقفال متتالية، وأشهرها فندق “البريستول” والذي سبقه “الحبتور” و”غابريال” و”مونرو” و”رمادا” والـ “بورتيميليو” و”فينيسيا” و”لو غراي” و”فور سيزن بيروت” و “هيلتون”، بانتظار ان تعوض عليها مؤسسات التأمين حيث وصلت خسائر فندق فينيسيا الى الـ27 مليون دولار! كما أقفلت معظم فنادق المعاملتين أبوابها نتيجة الازمة الاقتصادية وجائحة كورونا، في الوقت الذي كانت تعد فيه من أرخص الفنادق نسبياً. بينما لا تشغل الفنادق الأخرى أكثر من 15% من قدرتها الاستيعابية.
يعتقد الكثيرون أنّ الازمة الاقتصادية جعلت من لبنان بلداً رخيصاً ما سيشجع السيّاح إلى القدوم والإصطياف فيه، إلا أنّ لنقيب أصحاب مكاتب السياحة والسفر جان عبود رأياً مخالفاً، حيث كشف في حديث لصحيفة “نداء الوطن” أنّ “لا سيّاح هذا العام. ما يعني أنّ العرض تراجع بنسبة 70% لينخفض معه عدد الطائرات والقدرة التشغيلية والحركة السياحية، كما أنّ الطلب لم يصل حتى إلى 30%”، لافتاً إلى أن “الطائرات التي كانت تأتي إلى لبنان في الفترة الممتدة من 15 حزيران إلى 10 أيلول كان يتراوح عددها بين 95 الى 105 طائرات في اليوم، فيما العدد الحالي لا يتجاوز الـ30 طائرة!”.
وعلّق النقيب على قرار الحكومة بإلزام الفنادق اللبنانية بتقاضي التعرفة بالعملات الأجنبية للأجانب الذين يأتون إلى لبنان، بالقول إنّ “القرار اتى متأخراً بعد عام ونصف من مطالبتنا بتسعيرة بالدولار للفنادق. وبالتالي الحملة الترويجية لتجهيز السيّاح أتت متأخرة ولم يعد بإمكان شركات السفر التسويق حيث يبدأ هذا الأخير قبل عام من الموسم”. من جهته اعتبر نقيب أصحاب الفنادق في لبنان بيار الأشقر أنّ “قرار الدولار الفندقي لا بدّ منه، لافتاً إلى انّ جميع الدول التي تعاني من انهيار في قيمة عملتها الوطنية كمصر والجزائر وتركيا وسوريا اعتمدت هذا القانون، مؤكداً ان 50% من أسعار غرف الفنادق أبقت على سعرها القديم بالدولار”.
يقترب لبنان من الإنهيار الكامل في معظم القطاعات، ولعلّ أكثر القطاعات تضرراً هو القطاع السياحي الذي نعاه أصحابه وينتظرون مراسم دفنه.