“الكابيتال كونترول” ينافس “التدقيق الجنائي”: النظام ما زال “عايزاً ومستغنياً”

لا ينكر الخبير المصرفي والإقتصادي محمد فحيلي أن “الكابيتال كونترول” سيفضح بعض المصارف العاجزة عن الإلتزام باستثناءاته المتعلقة بتمويل السحوبات بالنقد الأجنبي، وسيُحرج السلطة السياسية والنقدية ويجبرها على اتخاذ القرار بتصفيته. كما أنه يعتبر أن “المصارف لا تزال لغاية اليوم تملك سيولة بالدولار تتراوح بين 4 و5 مليارات، سحبت من الفروع والصرافات الآلية بعد 17 تشرين ووضعت بالتصرف تحت يد مجلس الإدارة”. إلا أنه في المقابل يرى أن قانون “الكابيتال كونترول” لن يحل أزمة “دكاكين” البنوك، ولا الإستنسابية التي ما زالت تمارسها المصارف. والدليل عجز “المركزي” عن التعامل مع المصارف التي لم تطبق التعميم 154، وغض النظر في التعميم 157 عن المصارف غير القادرة على الإلتزام بمنصة صيرفة (SAYRAFA)، حيث ألزم المصارف بالإنتساب ولم يلزمها جميعها بالتداول.

الظروف النقدية في البلد ما بين عشية 17 تشرين الأول 2019 واليوم تغيرت كثيراً. فمشكلة السيولة لم تعد محصورة بالدولار فقط بحسب فحيلي إنما بالليرة أيضاً. فـ”المصارف تضع الضوابط على السحوبات بالعملة الوطنية كما الأجنبية. وعليه إذا أردنا “إلباس” الكابيتال كونترول “ثوب” 2021 فعليه أن يعالج السيولة بالنقدي سواء كانت بالليرة أو الدولار. ومن المفروض أن يكون هناك ضغط على المصارف لفتح حسابات بالعملة الوطنية، وإعادة العمل ببطاقات الإعتماد المدينة والدائنة بالليرة بنفس الزخم الذي كان قبل الأزمة. ذلك أن التداول النقدي بالليرة يتحول إلى دولار، والدولار إما يهرب إلى سوريا وإما يخرج إلى بلدان استيراد البضائع والخدمات والعمالة الأجنبية”. من هنا لم يعد يجوز من وجهة نظر فحيلي “التعامل مع الكابيتال كونترول بنفس عقلية العام 2019. فالهدف آنذاك كان إيقاف النزيف في العملة الأجنبية خارج قطاع المنظومة المالية، فيما تطبيقه اليوم بالطريقة نفسها يعني إبراء ذمة المصارف من كل الممارسات الخاطئة طيلة الفترة الماضية وحمايتها من الدعاوى القانونية.

الإجماع من قبل العديد من الخبراء على ضرورة تزامن “الكابيتال كونترول” مع إعادة هيكلة الديون وبدء المساعدات، تقابله مخاوف بان تكون “الهجمة الشرسة” الرافضة كلياً لاقراره هي لأسباب مصلحية أكثر منها وطنية. فالمصارف على ما يظهر لديها بعض السيولة بالدولار بين يديها، وهي تنتظر تحريراً تدريجياً للتوظيفات الإلزامية قد تصل إلى 1.8 مليار دولار من مصرف لبنان بسبب تراجع الديون بنسبة 12.5 مليار دولار. كما أن وضع بعضها في المصارف المراسلة أفضل مما تدعي، خصوصاً مع ما توجب عليها من تثقيل أو رفع قيمة ودائعها في الخارج مع كل تخفيض لتصنيف لبنان السيادي منذ نهاية العام 2019.

وبالنسبة إلى تبرئة ذمتها عما مضى في حال إقرار القانون، فتشير بعض المصادر أن الذي “ضرب ضرب والذي هرب هرب” بقانون أو من دونه. “إذا تشكلت حكومة وحازت على موافقة المجتمع الدولي لا تعود هناك حاجة إلى قانون “كابيتال كونترول” بهذا المعنى الضيق”، يقول فحيلة، “فالإلتزام بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، يتضمن ترتيب عمل البنوك والبدء بخطة لاعادة هيكلة الدين العام والديون المصرفية. وخصوصاً في ما يخص الجزء المحمول من البنوك وإعادة جدولته. هذه هي الإجراءات التي ستطلب، وإن كان البعض يفضل توصيفها باسم فلنطلق عليها “الكابيتال كونترول”. لغاية الآن لا يوجد منافس على الساحة النقدية لقانون “الكابيتال كونترول” إلا “التدقيق الجنائي” في مصرف لبنان. فالكل يريدهما ويطالب فيهما في الظاهر، لكنهم يجدون مئة علة لتطبيقهما.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةالمصارف «تتباهى» بخسائرها: الهروب من كلفة الانهيار
المقالة القادمةلا سيّاح هذا العام… الوضع كارثيّ!