كشفت وثيقة رسمية لبنانية أن الحكومة وضعت خطة إنقاذ طارئة لمعالجة الأزمة المالية العميقة، وتشير الخطة إلى أن الحكومة تنوي خفض قيمة الليرة بواقع 93 في المئة وتحويل الجزء الأكبر من الودائع بالعملة الصعبة في النظام المصرفي إلى العملة المحلية. ومن بين 104 مليارات دولار من الودائع بالعملة الصعبة، تتوقع الخطة، التي تحدد إطارا زمنيا مدته 15 عاما لسداد المبالغ لجميع المودعين، إعادة نحو 25 مليار دولار فقط للمودعين بالدولار الأميركي. وإلى جانب ذلك سيتم تحويل معظم ما تبقى إلى الجنيه الإسترليني بعدة أسعار صرف، الأمر الذي من شأنه أن يُضيع أكثر من الثلثين من قيمة بعض الودائع، الأمر الذي يجعل هذا المسار معقدا وقد لا يحقق نجاحا يذكر كما تطمح إليه السلطات.
وتتوقع الخطة، التي تستند إلى بيانات شهر سبتمبر الماضي، سعر صرف يبلغ 20 ألف ليرة للدولار، مقارنة بالسعر الرسمي البالغ 1500 ليرة والذي لم تعدله الحكومة بعد حتى مع تطبيق مصرف لبنان المركزي لمجموعة من الأسعار الأعلى. ويعد توحيد سعر الصرف إحدى توصيات سياسة صندوق النقد الدولي، وخلال الأسابيع الماضية عزز تدخل المركزي من تراجع قيمة الدولار ليصل سعره إلى 21.2 ألف ليرة من مستوى منخفض بلغ 34 ألفا في الشهر الماضي.
وتتوقع الخطة ضياع 75 في المئة من قيمة الودائع البالغة 16 مليار دولار والمتراكمة بفضل أسعار الفائدة المرتفعة منذ العام 2015، من خلال تحويلها إلى الليرة بسعر أقل من السوق. وبالمثل، تخفض الخطة 40 في المئة من قيمة الودائع البالغة 35 مليار دولار والتي نتجت عن تحويل الليرة إلى الدولار بسعر الصرف الرسمي بعد أكتوبر 2019، وأيضا من خلال التحويل إلى الليرة بسعر أقل من السوق. كما تهدف الخطة إلى إعادة 25 مليار دولار من الودائع بالعملة الصعبة لمن كان لديهم أقل من 150 ألف دولار في حساباتهم قبل وقوع الأزمة. غير أن من تراوحت أرصدة حساباتهم بين 150 ألف دولار ونصف مليون دولار سيكونون قادرين على الحصول على قيمتها كاملة ولكن بالجنيه الإسترليني بسعر السوق.
وسيحصل المودعون الذين تزيد قيمة ودائعهم على نصف مليون دولار، وتبلغ قيمتها الآن حسب التقديرات 22 مليار دولار، على حصص في القطاع المصرفي بقيمة 12 مليار دولار. وبالإضافة إلى ذلك، سيحصلون على خمسة مليارات دولار من السندات الحكومية الدائمة في إحدى شركات إدارة الأصول الحكومية.
وتشكل الفترة التي تمتد حتى العام 2035 بحيث ستنفذ فيها الحكومة خطتها في هذا الجانب أحد العراقيل التي قد تزيد من جبل الديون. وأكد مايك عازار الخبير في الأزمات المالية أن الإطار الزمني الذي يبلغ 15 عاما للسداد للمودعين هو مؤشر على أن البلاد ستظل مثقلة بالديون لفترة طويلة. ونسبت وكالة رويترز إلى عازار قوله “تتمثل العواقب في استمرار الغموض وانخفاض الثقة وتراجع النمو الاقتصادي”.
وتشير الخطة إلى أن من المتوقع أن ينمو المعروض النقدي بالليرة “مما يؤدي إلى زيادة المفهوم الضيق للعرض النقدي بشكل كبير”. وهذا يعني أن مخاطر التضخم كبيرة. وبحسب الخطة، فإن “التضخم المرتفع سيقوض كل الجهود لاستعادة الودائع بقيمتها الحقيقية وستنخفض القوة الشرائية للمودعين”. ويصنف صندوق النقد التضخم في لبنان والبالغ نحو 178 في المئة كثاني أكبر مستوى في المنطقة العربية بعد السودان. ومن خلال معالجة التضخم طويل الأجل، الذي ارتفع بالفعل مع انهيار الليرة، تعتقد الحكومة أن أسعار الفائدة يمكن أن تكون أداة قوية بمجرد عودة مصداقية القطاع المالي رغم أن الخطة أشارت إلى أن أسعار الفائدة غير فعالة حاليا “لعدم الثقة” في المركزي والبنوك. ومع ذلك ترى الحكومة في بنود خطتها أنه يمكن أن تكون احتياطيات الذهب لدى المركزي “أداة استثنائية لتثبيت قيمة الليرة إذا كان بالإمكان استبدالها بالعملة المحلية”.