لبنان يدخل مرحلة “التضخّم المفرط”!

لم يستيقظ اللبنانيون بعد من صدمة رفع سقف السحوبات بهذه “الخفة”، ليس لأنهم مكتفون بما يسمح به “المركزي”، بل لأن كل تصريحات حاكمه كانت حتى اللحظة الأخيرة تعارض بشدة أي تغيير في تسعيرة التعميم 151، ولم يستطع أن يغير هذا “التعنت” كل المطالبات الشعبية ولا الرسمية من لجنة المال والموازنة، ولا حتى وصول سعر الصرف في السوق الموازية إلى 25 ألف ليرة.

وبحسب الخبراء لا يوجد حاكم مصرف مركزي في العالم يقول الشيء ويفعل نقيضه في ظرف أيام قليلة، وإن فعل فيكون إما لاستخفافه في عقول المواطنين، وإما للتلاعب بالحقائق والوقائع، ما يعتبر نوعاً من أنواع الفساد المنظم، ذلك أن قرارات مصيرية تؤخذ على مثل هذا النوع من التصاريح الصادرة عن حاكم مصرف مركزي، والحالتان تنطبقان بحسب الخبراء على القرار الأخير، فهو لا يقيم اعتباراً للمواطنين من جهة، ويهدف من جهة أخرى إلى تذويب الودائع بالتضخم، حيث يترتب على طباعة النقود والانفلاش بالكتلة النقدية التي سيخلقها القرار إجراءات “امتصاصية” تتمثل في رفع الأسعار، ذلك أن نتائجه لن تقف عند تمويل السحوبات المصرفية للمودعين إنما سيعقبها رفع الرواتب والاجور وبدل النقل والتقديمات لغير المودعين، وتحديداً لموظفي القطاع العام، وبكلفة قد تصل سنوياً إلى أكثر من 22 ألف مليار ليرة.

وبذلك يدخل البلد في دوامة من طباعة الأموال ورفع الأسعار، وقد لمس اللبنانيون نتيجتها السريعة من خلال قرار المركزي زيادة الحصة بالدولار النقدي، التي يتوجب على مستوردي المحروقات تأمينها من 10 إلى 15 في المئة. فارتفعت أسعار البنزين بنحو 6 آلاف ليرة والمازوت بأكثر من 20 ألف ليرة والغاز بحوالى 18 ألف ليرة. هذا القرار ما هو برأي الخبراء “إلا مقدمة لقرارات أسوأ بكثير ستتمثل في ما بعد برفع النسب التي يتوجب تأمينها بالدولار النقدي أكثر، الامر الذي يحوّل بيع البنزين إلى الدولار النقدي بدلاً من الليرة، على غرار ما حصل مع المازوت. كما أنه سيترافق هذا القرار مطلع العام المقبل مع رفع الدولار الجمركي ومختلف الخدمات التي ما زالت الدولة تتقاضاها على سعر 1500 ليرة، باستثناء القروض. وهذا ما سيمثل “تشليحاً” ليس فقط للودائع لـ”تصفير” ديون الدولة والمصارف، إنما لكل ما يملكه اللبنانيون من أموال منقولة وغير منقولة.

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةبيع بعض ممتلكات الدولة لتسديد جزء من أموال المودعين حقّ أم باطل؟
المقالة القادمةسلامة سيوصل الدولار إلى 40 ألف ليرة نهاية العام