لبنان يُفرّط بـ”ثروته” النفطية جنوباً بحجّة حماية السيادة الوطنية “المنخورة” شمالاً

قبل نحو 4 سنوات أعلن رسمياً عن “دخول لبنان نادي الدول النفطية”. الآمال الكبيرة بنيت وقتذاك على إقرار حكومة الرئيس سعد الحريري في منتصف كانون الأول 2017 تلزيم البلوكين البحريين 4 و9 لتجمع شركات ENI-TOTAL-NOVATEK. وبعد تأخير دام قرابة السنتين بدأ “الكونسورتيوم” بحفر أول بئر في البلوك رقم 4 في كانون الثاني من العام 2020. إلا أنه لم يعلن عن التوصل لأي نتائج إيجابية، لتؤجل عملية التنقيب في البلوكين 4 و9 إلى 13 آب 2022 بفعل تطبيق قانون تعليق المهل رقم 160/‏‏2020. في هذا الوقت استغلت إسرائيل تجميد المرسوم 6433 لتبدأ التنقيب جنوب حقل كاريش، وتحديداً في المساحة الواقعة بين الخطين 23 و29 التي انطلق منها الجانب اللبناني في خريطة الترسيم الجديدة للحدود البحرية.

عمليات الحفر والتنقيب التي تجري جنوب البلوك رقم 9 تهدد حصة لبنان، خصوصاً إن لم يتم توقيع المرسوم 6433 وبقيت المفاوضات بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي معلقة. ففي الشكل لا يوجد شيء يمنع إسرائيل من التنقيب في هذه المنطقة التي ما زال حق لبنان فيها مجرد ادعاء لم يصدقه بعض الداخل قبل الخارج. أما في المضمون فان “محاذاة البلوك رقم 9 مع حقل كاريش من جهة ومع المنطقة التي بدأت فيها شركة Halliburton حفر آبار جديدة من الجهة الأخرى يحمل من الناحية العلمية والتقنية إحتمالاً كبيراً جداً، بان تكون المكامن “reservoirs” التي تحتوي عى الغاز، والنفط الخفيف تحديداً، مشتركة بين الحقلين”، يقول الخبير في الصناعة النفطية، المهندس ربيع ياغي.

و”هذا يؤثر بطبيعة الحال على شفط من يبدأ بالاستخراج أولاً الكميات الأكبر من الثروة، خصوصاً إذا كانت غازاً. وعليه سيكون لاسرائيل الأفضلية لانها بدأت بعمليات التنقيب والتطوير في الوقت الذي ما زلنا منتظرين فيه الاتفاق على احداثيات الحدود”. إلا أنه في جميع الحالات هذا يتطلب بحسب ياغي “معرفة ما يوجد تحت البلوك 9 وأين تتواجد المكامن وإن كانت على الحدود أو في المنتصف أو إلى الشمال أكثر”.

الاحتمال المرتفع بـ”تنشيف” اسرائيل خزانات الغاز تحت البلوك رقم 9، في حال كانت لسوء حظ لبنان متداخلة مع الحقول التي تنقب فيها شمالاً، قابلها بحسب ياغي “تضييع لبنان للفرصة تلو الأخرى منذ أكثر من 10 سنوات. فسوء الإدارة واللامبالاة التي طبعت التعامل مع هذا الملف منذ العام 2010 لليوم، دفعت المعنيين للتلهي بالهيئات والتعيينات والتوظيفات… ونسوا العمل على الأرض.

محاولات لبنان دخول نادي الدول المنتجة للنفط منذ اكثر من 15 عاماً باءت بالفشل. و”حتى اللحظة لا يزال لبنان خارج الخريطة العالمية البترولية لاسباب عدة، منها السياسي، ومنها التسويات المنتظرة في المنطقة”، برأي الخبير النفطي فاد جواد، و”لأخذ الموضوع من الناحية الاقتصادية نجد أن لبنان يخسر يومياً حوالى 30 مليون دولار و11 مليار دولار سنوياً نتيجة تأخره في عمليات البحث والتنقيب، في الوقت الذي هو بأمس الحاجة لاستغلال ثروته النفطية للخروج من الانهيار المستمر. وبالتالي، نرى ان “بلوك 9 موجود في منطقة خصبة منقبة سابقاً، وقائمة على انتاج غازي نشط”، يقولد جواد. و”ذلك على عكس حقل رقم 4 الذي يقع في منطقة يطلق عليها فنياً “wild cat” اي عذراء. وهو مكان غير معروف ونسب النجاح المبكرة في الاكتشاف تكون منخفضة وتقدّر من 1 الى 4. ولذلك كان الافضل الإتجاه نحو 9 لتقليل عوامل المخاطرة Risk Factor “.

في الوقت الذي نشهد فيه اكتشافات غازية مبشرة في الحقل المشترك بين السعودية والكويت والمعروف باسم “الدرة” الذي يفوق مخزونه 15 تريليون قدم وسيدخل سوق المنافسة في المنطقة، ما زال لبنان متأخراً سنوات بعمر التنقيب، هذا إن قدر له وبدأ فعلياً في أمد ليس ببعيد بالعمل الجدي.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةخطّة ميقاتي للإنقاذ: «تسوية» تريدها المصارف
المقالة القادمةالعوامل المساعدة موجودة لاعتماد الطاقة المتجدّدة في لبنان