متاجر وعلامات تجارية تضطر إلى مغادرة لبنان

الأزمة الاقتصادية وتدهور القدرة الشرائية يتسببان في كساد البضاعة في الأسواق.

اضطرت علامات تجارية شهيرة إلى مغادرة لبنان بعد استحالة فرص انتعاش تجارتها في الملابس والجلود والمنتجات الصناعية نظرا للأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي ضربت القدرة الشرائية للمواطنين، ما جعل أصحاب المحلات غير قادرين على دفع مستحقات الإيجار في ظل ركود زاد حدته فايروس كورونا.

خيرت علامات تجارية شهيرة مغادرة لبنان نظرا لكساد بضاعتها بسبب عزوف المواطنين عن الشراء جراء تدهور قدرتهم الشرائية نتيجة الأزمة المالية والاقتصادية التي تعصف بالبلد الأمر الذي فرض تغيير قواعد الاستهلاك.

وقف عشرات الأشخاص في طوابير أمام محال علاماتهم التجارية المفضلة في شوارع ومراكز التسوق الكبيرة في بيروت، خلال الأيام القليلة الماضية، في انتظار دورهم لشراء بعض احتياجاتهم قبل فصل الشتاء بأسعار معقولة.

ورغم أن الوقت الحالي من السنة ليس وقت التخفيضات والعروض الترويجية في بيروت، لكن بعض أشهر العلامات التجارية العالمية تقوم بتصفية بضائعها وتغادر لبنان في ظل الوضع الاقتصادي السيء في البلاد.

ولم يسبق أن شهد لبنان في الماضي تخفيضات في الأسعار في هذا الوقت من العام، حيث ينتظر الناس عادة بدء موسم التخفيضات في شهر يناير لشراء احتياجاتهم بأسعار مخفضة.

ونسبت شينخوا لندى عيان الشابة التي تعمل في أحد مصارف شارع الحمراء التجاري والسياحي في بيروت قولها إنها وقفت لأكثر من ساعة أمام المحال المفضلة لديها في انتظار دورها لشراء بعض المنتجات بتخفيضات تتراوح بين 50 و70 في المئة بسبب التصفية التي تسبق الإقفال النهائي. واشتكت ندى عيان من الحشود في الطابور وسط تفشي فايروس كورونا في البلاد.

أطفالها لفصل الشتاء بأسعار منخفضة. وقالت أحلام “قد تكون هذه فرصتي الوحيدة لشراء ملابس بأسعار معقولة لأولادي”.

وقال علي إسماعيل إنه “انتظر يومين متتاليين ليتمكن من دخول متجره المفضل لشراء عدة سراويل جينز قبل أن يغلق. وأضاف “للأسف سأضطر بعد ذلك إلى السفر إلى أي بلد آخر لشراء العلامات التجارية المفضلة لدي”.

وستترك لبنان هذا العام المحلات التابعة لحوالي 42 علامة تجارية وسط فرص ضئيلة لعودتها إلى البلاد في المستقبل المنظور.

وقال رئيس الجمعية اللبنانية لتراخيص الامتياز يحيى قصاع “نحن في خضم أزمة كبيرة للغاية، حيث إن العديد من القطاعات بما في ذلك المطاعم والملابس والأدوات المنزلية والمواد الفاخرة هي الأكثر تضررا من الانهيار الاقتصادي”.

وأشار إلى أن “هناك علامات تجارية افتتحت في لبنان منذ سنوات طويلة قررت المغادرة في الوقت الحالي على الرغم من الاستثمار الكبير الذي قامت به في البلاد”.

وأوضح أن حوالي 95 في المئة من المحلات التجارية التي كانت تعج بالمتسوقين قد أغلقت أبوابها في وسط بيروت في أعقاب انفجار مرفأ بيروت الكارثي في 4 أغسطس الماضي ودمر جزءا كبيرا من المدينة.

في غضون ذلك، تم إغلاق عدد كبير من المحال التجارية ومعظمها يعود لعلامات تجارية في شارع الحمراء، أحد أشهر شوارع التسوق في البلاد، إضافة إلى إقفال مئات المحال التجارية في مراكز التسوق لأنها لم تعد قادرة على دفع إيجاراتها.

وأرجع قصاع هذه الظاهرة إلى التراجع الحاد في القوة الشرائية للمواطنين عقب ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية وبلوغ معدل الفقر في البلاد حوالي 55 في المئة”.

وأدى ضعف العملة المحلية إلى ظهور تسعيرات عدة لليرة اللبنانية مقابل الدولار حيث يبلغ سعر الصرف الرسمي 1500 ليرة لبنانية، بينما يمكن للمودعين سحب ودائعهم بالعملة الأميركية بسعر 3900 ليرة للدولار، بينما يبلغ سعر السوق السوداء للدولار حوالي 7000 ليرة.

وقال قصاع إن الأسعار العديدة للدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية خلقت ارتباكا بين التجار وخسائر في الأرباح.

وأوضح أن أصحاب الامتياز عادة ما ينشئون أنظمة خاصة في بلد عملهم وهو نظام مركزي يسمح لهم بالعودة إلى البلاد حتى لو أغلقوا الفروع والعلامات التجارية مؤقتا. وأعرب قصاع عن أمله في أن يتمكن لبنان من جذب العلامات التجارية إليه مرة أخرى.

وأشار إلى أن دراسة حديثة أجرتها الجمعية اللبنانية لتراخيص الامتياز أن قطاع الامتياز يوظف ما يقرب من 100 ألف موظف، أو ما يقدر بتسعة في المئة من إجمالي العمالة في البلاد.

وقال إنه بسبب الأزمة الاقتصادية الحالية في لبنان والقيود المفروضة بعد تفشي مرض فايروس كورونا المستجد (كوفيد – 19)، شهد قطاع الامتياز انخفاضا كبيرا في النشاط، لاسيما في قطاعي الضيافة والتجزئة.

وأضاف أنه قبل الأزمة، كان هناك ما يقرب من 744 شركة في قطاع الامتياز في لبنان تشكل حوالي 6 في المئة من إجمالي الشركات العاملة في لبنان، كما ساهم هذ القطاع بما يقرب من 1.5 مليار دولار في الاقتصاد الوطني، أو حوالي 4 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.

ويعاني لبنان من تدهور اقتصادي ومعيشي حاد في ظل أزمة مالية تتزامن مع شح في العملة الأجنبية ووضع المصارف قيودا على سحب الودائع وسط توقف الحكومة عن سداد الديون الخارجية والداخلية في إطار إعادة هيكلة للدين الذي يتجاوز 92 مليار دولار.

وقد أدى هذا الوضع إلى إقفال عدد كبير من المؤسسات وتسريح عشرات آلاف العاملين وتصاعد البطالة وتراجع قدرات اللبنانيين الشرائية مع ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة تتجاوز 80 في المئة.

وقد تفاقمت أزمات البلد بفعل تداعيات مرض كوفيد – 19 وانفجار مرفأ بيروت الكارثي الذي أدى إلى آلاف الضحايا والمصابين وتهجير 300 ألف شخص إضافة إلى أضرار مادية قدرت بقيمة 15 مليار دولار.