مسؤول في «الاحتياطي الفيدرالي»: انخفاض التضخم ليس مجرد نقطة عابرة

أكّد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، أوستان غولسبي، أن تباطؤ التضخم في الولايات المتحدة هو اتجاه وليس مجرد نقطة عابرة، على الرغم من سلسلة البيانات الاقتصادية الأخيرة التي تُظهر ضغطاً مستمراً على بعض الأسعار.

وفي حديثه لصحيفة «فاينانشيال تايمز»، نفى غولسبي أن يكون البنك المركزي قد تراجع عن هدفه المتمثل في خفض التضخم إلى 2 في المائة، محذراً من التسرع في اتخاذ قرارات السياسة النقدية بناءً على بيانات قصيرة الأجل.

وتابع بالقول: «هناك كثير من العوامل التي تشير إلى أن التضخم يتجه نحو الانخفاض، وهذا ما نأمله. لا يمكن إنكار أن هذا هو الاتجاه، ولم يكن مجرد تقلبات قصيرة المدى. ومع ذلك، لا يزال يتعين علينا الانتظار والترقب للتأكد من استمرار هذا الاتجاه».

واعترف غولسبي، وهو عضو مصوت في اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة هذا العام، بأن التراجع في تضخم الإيجارات وغيرها من تضخم المساكن بعد أشهر من الانخفاضات، كان بمثابة «مفاجأة سلبية» تستحق الحذر. وكان الاقتصاديون وصانعو السياسات يتوقعون أن تستمر هذه الأسعار في الانخفاض، بناءً على البيانات التي أظهرت تباطؤاً في معظم الأسواق. وأضاف غولسبي أنه سيتابع هذا الأمر عن كثب لتحديد سرعة انخفاض التضخم.

وعلى الرغم من تباطؤ نمو الأجور، أبدى رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو تفاؤله بشأن بيانات الوظائف، ويرى أن المكاسب الشهرية الكبيرة مؤشر على تحسن المعروض من العمالة وليس مدعاة للقلق.

وبحسب غولسبي، فإن ربط قرار السياسة النقدية بالبيانات الأخيرة هو أحد أسوأ الأخطاء التي يمكن لأي مسؤول في البنك المركزي ارتكابها، مشيراً إلى الحاجة للنظر بطريقة أوسع، مشدداً على أنه لم يتخذ قراره بعد بشأن رفع سعر الفائدة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

ومع ذلك، فإننا نقترب بسرعة من نقطة تحول في النقاش حول السياسة، حيث يتحول التركيز من مدى رفع أسعار الفائدة إلى المدة التي يجب الحفاظ عليها عند هذا المستوى، في حين لم يغير أي شيء في البيانات في الأسابيع الستة الماضية هذا التوقع، يقول غولسبي.

تجدر الإشارة إلى أنه منذ اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأخير في سبتمبر (أيلول) الماضي، والذي أعلن فيه المسؤولون عن دعمهم لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى هذا العام وتخفيضات أقل بمقدار نصف نقطة مئوية في عام 2024، ارتفعت تكاليف الاقتراض الأميركية بشكل حاد ووصل العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوى له منذ عام 2007. وقد خفت حدة الهزيمة في الأيام الأخيرة، حيث ألمح صانعو السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى أن الظروف المالية الأكثر صرامة قد تعوض الحاجة إلى رفع آخر لسعر الفائدة.

كما أكّد كثير من المسؤولين في البنك المركزي، بما في ذلك المحافظ المتشدد كريستوفر والر، أن البنك لديه المرونة الكافية لتغيير مساره السياسي إذا لزم الأمر. ويمكن أن يستغرق البنك بعض الوقت لتقييم البيانات الواردة للحصول على فهم أفضل لمسار الاقتصاد.

ومع ذلك، فإن الصدمات الخارجية تزيد من تعقيد القرارين المتبقيين هذا العام، بما في ذلك التصعيد الحاد في التوترات في الشرق الأوسط الذي أدى إلى ارتفاع أسعار النفط، وأثار قدراً كبيراً من عدم اليقين بشأن آفاق النمو العالمي والتضخم. كما يشكل إضراب عمال صناعة السيارات المتوسع، بالإضافة إلى تجدد شبح إغلاق الحكومة الأميركية الشهر المقبل، مخاطر إضافية.

وفي هذا السياق، أعرب غولسبي، الذي يؤكد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قادر على السيطرة على التضخم دون التعرض لآلام اقتصادية كبيرة، عن قلقه البالغ إزاء مثل هذه الاضطرابات التي تهدد تلك النتيجة. ولفت إلى أن صدمات أسعار النفط والصدمات الخارجية أخرجت عمليات الهبوط الناعم السابقة عن مسارها، مما يشير إلى أن الصدمات الخارجية الحالية يمكن أن تجعل من الصعب على بنك الاحتياطي الفيدرالي تحقيق هدفه. هذا وأظهر أحدث تقرير للتضخم أن أسعار المستهلكين ارتفعت بوتيرة أسرع من المتوقع في سبتمبر الماضي، إلى 3.7 في المائة سنوياً. كما ارتفعت أسعار السكن بشكل غير متوقع، وكذلك أسعار غرف الفنادق والخدمات الترفيهية، مما أدى إلى إبقاء التضخم الأساسي ثابتاً عند 2.9 في المائة. وقد جاء التقرير بعد قفزة كبيرة غير متوقعة في الرواتب الشهرية. كما أشارت البيانات مجتمعةً إلى أن الزخم في أكبر اقتصاد في العالم لا يزال قوياً، مما يزيد من حدة الجدل بين مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي حول ما إذا كانوا سيحتاجون إلى رفع سعر الفائدة القياسي بمقدار ربع نقطة مئوية أخرى هذا العام. ويبلغ سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية أعلى مستوى له منذ 22 عاماً عند 5.25 – 5.5 في المائة، وهو المستوى الذي بلغه في تموز (يوليو) الماضي، على أن يجتمع المسؤولون في نهاية الشهر المقبل.

مصدرالشرق الأوسط
المادة السابقةمنتدى «مستقبل الاستثمار» يتناول تحديات المناخ والاقتصاد والتكنولوجيا
المقالة القادمةالأسواق مرتبكة والأعين على تطورات غزة