هل أصبح القطاع المصرفي اللبناني، والمصارف اللبنانية بما يُسمّى بـ «مصارف الزومبي»؟ علماً أنّ هذا المصطلح هو تعبير وتشخيص معروف ومستخدم دولياً.
إنّ مفهوم «الزومبي» هو كائن أسطوري، يكون معلّقاً ما بين الموت والحياة، أو كائن في حالة موت سريري، ونحاول إعادة إنعاشه بطريقة غير نمطية.
إنّ «الزومبي» يرتبط بالخوف والرعب والجنون، كما يرتبط بالسحر والساحر، وهو كائن خيالي بعيد من الحقيقة، إنّه شبح مخيف، يتعلق بما بين الموت والحياة.
أما مصارف «الزومبي» فهي أيضاً في شبه موت سريري، بين الموت والحياة، وقد خسرت أصولها وسيولتها، ورأس مالها، وتحاول أن تبقى على قيد الحياة.
واقع الحال، إنّ ودائع المصارف اللبنانية، لا تزال مجمّدة في المصرف المركزي، ولم تعد حقيقة، وهناك مشاريع جدّية لشطب هذه الأصول، كما يُشير إليه صندوق النقد الدولي، أو بحسب الخطة المقترحة من قِبل الحكومة اللبنانية.
من جهة أخرى، إنّ مسؤولياتها القانونية، (liability)، تجاه الودائع والمودعين وكل أعبائها، لا تزال راهناً، فإذا شُطبت ودائعها من المركزي، وبقيت ذيولها وأعباؤها كما هي، فمن المستحيل إعادة إنعاشها.
إضافة إلى ذلك، إنّ العامل الأكبر والأهم وهو عامل الثقة، فقد انحدر نهائياً، وسنحتاج إلى عقود لإعادة بنائها. أما إذا أرادت العودة إلى عملها المصرفي، ومحاولة مواجهة هذه الحقائق والخروج من هذا العامل الزومبي، فستحتاج إلى قوانين جديدة، لحماية أي ودائع، وحماية خصوصاً أي قروض أو إقتراض جديد.
فلإعادة دورتها الإقتصادية، إنّه من الضروري إعادة دورة الإقتراض، وهو عملها الأساسي، ومن دونها ستبقى مصارف الزومبي، معلّقة ما بين الموت والحياة.
في المحصّلة، إنّ المصارف اللبنانية، أصبحت كشبح الزومبي، لا رؤية لها على المدى القصير، المتوسط والبعيد، ولا رؤية لها أيضاً حيال القرارات العشوائية من الحكومة اللبنانية، ولا تعرف مصير ودائعها، ولا تعرف مصير مسؤولياتها القانونية، ولا تستطيع الإقفال، ولا تستطيع إعادة الإحياء، فأصبحت مصارف زومبي، تُخيف وتُرعب، لكنها هي أيضاً تخاف وترتعب، رأسمالها دون الصفر، ولا قوانين إصلاح لإعادة هيكلتها، أو لتعيد عملها. فقطاعنا المصرفي في موت سريري متعمّد، فيما يدفع الثمن الإقتصاد والمودع. أما الدولة، فتتلاعب وتتراشق بكرة النار هذه.