يوم 21 تشرين الأول 2021، دهمت قوة من الشرطة الفرنسية، عدداً من الشقق السكنية والعقارات، غالبيتها في العاصمة الفرنسية، بأمر قضائي. المشترك بين هذه الشقق والعقارات، هو الاشتباه في أن ملكيتها تعود إلى كل من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وصديقته آنّا كوزاكوفا (أوكرانية الجنسية، لكن الصحافة الفرنسية تقول بأنها والدة ابنة رياض سلامة) ورجا سلامة (شقيق الحاكم).
يشتبه القضاء الفرنسي، كما النيابة العامة في كل من لبنان وسويسرا، بأن هذه العقارات المسجّلة بأسماء شركات تؤدي في النهاية إلى الأخوين سلامة وكوزاكوفا، اشتُريت بأموال مختلسة من مصرف لبنان. فالتحقيق المفتوح في سويسرا ولبنان وفرنسا ولوكسمبورغ وألمانيا وغيرها من الدول، منذ بداية العام الجاري، يتمحور حول اختلاس أكثر من 300 مليون دولار من مصرف لبنان، لصالح شركة تعود إلى الشقيقين سلامة.
لعملية الدهم هدفان. الأول تفتيش هذه الأماكن بحثاً عن أدلة تفيد التحقيق. أما الهدف الثاني، فيتمحور حول شقة تقع في جادة شانزيليزيه الباريسية الشهيرة، وتحديداً، في المبنى الذي يحمل الرقم 66. هذه الشقة يستأجرها مصرف لبنان، كمركز احتياط لعملياته في ما لو حالت ظروف قاهرة دون استكمال مهماته من مقره الرئيس في شارع الحمرا في بيروت، أو من مقره الاحتياطي في بكفيا. عملية الدهم أظهرت أن ما لمصرف لبنان في هذه الشقة، ليس أكثر من «خادم» إلكتروني (server) مساحته لا تتجاوز المترين المربعين.
مصرف لبنان لم يكتفِ باستئجار شقة في واحد من أكثر الشوارع غلاءً في العاصمة الفرنسية، لجهة كلفة الإيجار، بل تبيّن للمحققين الفرنسيين أن الشقة إياها، مُلك لكوزاكوفا! ببسيط العبارة، مصرف لبنان استأجر هذه الشقة من صديقة سلامة (والدة ابنته، بحسب الصحافة الفرنسية) وشريكته في العمل. وقد حصل القضاء الفرنسي على العقود الموقعة بين مصرف لبنان وشركة تملكها كوزاكوفا، استأجرت بدورها الشقة من شركة أخرى تملكها كوزاكوفا أيضاً. ويدفع المصرف المركزي اللبناني نحو 35 ألف يورو شهرياً، بدل إيجار.إذاً، مصرف لبنان استأجر من رياض سلامة، «مترين مربّعين» في باريس، بنحو نصف مليون دولار سنوياً!
وتشير مصادر متابعة للقضية إلى أن الاستجواب وعمليات الدهم أتت كنتيجة مباشرة للاجتماع الذي عُقِد في مدينة لاهاي الهولندية، يوم 14 تشرين الأول الماضي، وضم ممثلين عن الادعاء العام في كل من لبنان وفرنسا وسويسرا وألمانيا ولوكسمبورغ وبريطانيا، بهدف تنسيق العمل التحقيقي حول ثروة رياض سلامة وشقيقه رجا وكوزاكوفا، والذي يشمل أيضاً التدقيق في ثروة الثلاثة في بلجيكا.