مصرف لبنان ينفرد بـ”كرة” السوق السوداء… ويسدّد “هدفاً” غير نظيف في “مرمى” المودعين

تأكُد حاكم مصرف لبنان من أن قراره برفع الدعم كلياً في 12 آب الحالي لن يمر بأي شكل من الأشكال، وبأن النواب لن يشرعوا قانوناً يسمح له باستعمال التوظيفات… دفعه إلى ابتكار هندسة نقدية جديدة، فأصدر في 17 آب تعميماً حمل عنوان “قيود استثنائية على بعض العمليات التي تقوم بها المصارف”. وينص، على انه بامكان المصارف العاملة في لبنان شراء العملات الأجنبية المحولة مباشرة من الخارج لزبائنها على سعر السوق (منصة صيرفة وليس سعر السوق الموازي)، وذلك حصراً لغايات استثمارية متوسطة وطويلة الأجل أو لتحسين نسب السيولة، أو لتسديد التزامات في الخارج. على أن يتم تسجيل هذه العمليات على المنصة الإلكترونية لعمليات الصرافة. ولكي لا يقطع شريان التحويلات من الخارج عن المصارف، اقترح تسديد التحويلات التي تأتي عبر شركات تحويل الاموال إما مناصفة بالدولار والليرة، وإما كاملة بالليرة بحسب سعر المنصة.

يقول المستشار المالي د. غسان شمّاس. وعلى عكس الغاية التي تقول بان الهدف من تسديد التحويلات بالليرة والإحتفاظ بالدولار هو لتسديد التزامات خارجية، فان الهدف الكامن وراء هذا التعميم برأي شماس هو “تفرد مصرف لبنان بالسوق السوداء و”قطع” يد المصارف عنها”. ويضيف شماس. و”لو أنه لم يُعرف بعد على وجه التحديد إن كانت الحوالات ستسجل بحسابات الزبائن بالدولار أو مباشرة بحسب سعر صرف السوق. ذلك لأن الحوالات بالعملة الأجنبية تصل إلى حسابات المصارف المراسلة في الخارج وتؤمنها البنوك اللبنانية عبر الشحن إلى لبنان. وبهذه الطريقة ستبقى كل الحوالات في حسابات المصارف خارج لبنان وتشحن بواسطة شركات نقل الاموال إلى الداخل.

أما الدافع الأساسي وراء هذا التعميم فلا ينحصر بتأمين مبلغ 225 مليون دولار لمدة شهر، “إنما التحضير لمرحلة ما بعد رفع الدعم بشكل كامل”، يقول شماس. فـ”حصر الطلب الكبير الأساسي على الدولار من السوق السوداء بالمركزي يؤمن له أمرين: الاول، القدرة على تأمين طلب المستوردين بمئات الملايين من الدولارات من السوق الموازية بسهولة. والثاني، التحكم بالسوق الموازية والضغط لتقريب سعر السوق إلى سعر منصة صيرفة والغاء الفوارق بينهما. من خلال زيادة الرواتب بنفس القيمة التي ستؤمنها البطاقة التمويلية. وبدوره يلحق القطاع الخاص القطاع العام من حيث الزيادة على الأجور حكماً. وبهذه الطريقة نكون حررنا سعر الصرف وزدنا دخل المواطن وشجعنا على عودة الاستثمارات الاجنبية.

بحسب التجارب تراجعت تحويلات المغتربين بعد قرار المركزي تسديد التحويلات بالليرة على سعر 3900 ليرة في 17 نيسان 2020 من 120 مليون دولار شهرياً إلى حدود 24 مليون دولار في تموز العام 2020 أي بأكثر من 80 في المئة. الامر الذي دفع مصرف لبنان إلى اصدار تعميم بدفع التحويلات بالدولار. فهل يكرر مصرف لبنان الخطأ القاتل نفسه ويحرم المواطنين من الدولار. خصوصاً أن قطع التحويلات بالدولار يخنق الشريان الذي يدعم الاقتصاد الوطني بالعملات الأجنبية ويحد من قدرة العائلات اللبنانية على الصمود”.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةاتفاق بين الصين والعراق لإنشاء محطات للطاقة الشمسية
المقالة القادمة