مصرف لبنان يهدّد بالعتمة: لا دولارات للكهرباء

ليس بالفيول وحده تستمر كهرباء لبنان في تأمين الطاقة الكهربائية. في الفترة الماضية، كانت وزارة الطاقة تصب كل جهودها في خانة تأمين الفيول للمعامل بعد انتهاء عقد سوناطراك. ولذلك تحديداً، بشّر وزير الطاقة، بعد موافقة العراق على تزويد لبنان بـ 500 ألف طن من الفيول، بأن لا خوف من العتمة. لكن الخوف لم يفارق كل العاملين في القطاع. شح الدولارات سبق أن جمّد الكثير من الأعمال ولا يزال يساهم في الحدّ من إنتاج الطاقة. وهذا ما جعل الوزارة وكهرباء لبنان تسعيان مع مصرف لبنان لتأمين حاجة القطاع من الدولارات الطازجة. عملياً، لا قيمة للفيول إذا لم تؤمن الصيانة وقطع الغيار الضرورية لاستمرار عمل الشبكة والمعامل. وهذا يعني أن أي تفاؤل باستقرار التغذية بالتيار قبل معرفة توجّهات مصرف لبنان يبقى حذراً، وخاصة أن الخشية لم تعد من تجميد الأعمال بل من إمكانية توقف الشبكة.

عند منتصف يوم الاثنين المقبل، ينتهي عقد شركة «برايم ساوث» المسؤولة عن تشغيل وصيانة معملَي دير عمار والزهراني. «كهرباء لبنان» طلبت رسمياً تجديد العقد لمدة سنة. لكن، حتى اليوم لا تزال الشركة ترفض التجديد قبل الاتفاق على آلية الدفع التي تضمن القيام بأعمال الصيانة وشراء قطع الغيار. إذا لم تحصل على هذه الضمانات، فهذا يعني إطفاء المعملين اللذين ينتجان 800 ميغاواط عن الشبكة، والتي تعادل 10 ساعات تغذية بالكهرباء يومياً. قيمة العقد 61 مليون دولار سنوياً، والشركة طلبت الحصول على 80 في المئة منه بالدولار «الطازج»، ثم وافقت على تخفيض النسبة إلى 75 في المئة، لكن كهرباء لبنان لا تملك الإجابة.

مؤسسة الكهرباء كانت قد وضعت، قبل نهاية العام، تقديراً لحاجة القطاع إلى الدولارات الطازجة. وتبيّن لها أنها تقارب 300 مليون دولار سنوياً. هذا المبلغ موزّع عملياً بين المؤسسة نفسها وبين شركات مقدمي الخدمات ومشغّلي المعامل، إضافة إلى البواخر التركية. وهو قد ينقص أو يزيد تبعاً للمفاوضات مع مصرف لبنان، لكن المشكلة التي صار المفاوضون يدركونها أن المصرف يرفض الالتزام بأي مبالغ، وهو حتى لو التزم، فلا شيء يمنعه من التراجع عن التزامه، كما حصل فعلاً مع شركات مقدمي خدمات التوزيع.

تلك الشركات المعنية بالأعمال المرتبطة بالحاجات المباشرة للمشتركين، تعاني من الأزمة نفسها، أي عدم توفر الدولارات الضرورية لاستمرار الأعمال، ولا سيما منها: تركيب العدادات، تمديد الكابلات، تركيب المحطات والمحولات والأعمدة وصيانتها… كل المعدات المطلوبة للقيام بهذه الأعمال يتم شراؤها بالدولار. ولذلك، وبعد اجتماعات عديدة عقدت بين الشركات والنائب الثالث لمصرف لبنان سليم شاهين في العام الماضي، تم الاتفاق على أن تحصل هذه الشركات على أموالها مثالثة: ثلث المبلغ دولارات طازجة، وثلثه «لولار» (دولار وهمي موجود في القطاع المصرفي اللبناني)، وثلثه بالليرة على سعر 1500 ليرة للدولار. عملياً، تم العمل بهذه الآلية لفاتورة واحدة فقط، قبل أن يقرر المصرف الانسحاب من هذه الآلية والاكتفاء بدفع الجزء اليسير من الأموال بالدولار.

لذلك، ورداً على حجة عدم توفر الأموال، كان وزير الطاقة قد اقترح، أثناء اجتماعات الدعم، زيادة سعر صفيحة البنزين ألفي ليرة تذهب لتغطية حاجة الكهرباء من الدولارات، لكن الاقتراح رفض. كذلك، في الاجتماعات غالباً ما تطرح مسألة تخفيض عدد شحنات البنزين وتحويل الأموال التي يتم توفيرها إلى قطاع الكهرباء. وأكثر من ذلك، فإن ثمة من يعتبر أنه عند الضرورة يمكن تخفيض ساعات التغذية ساعة واحدة، ستكون كافية لتوفير الدولارات للقطاع لضمان استمراريته. لكن مقابل كل هذه الاقتراحات، الجميع لا يزال بانتظار مصرف لبنان ليقرر مصير الكهرباء.

مصدرجريدة الأخبار - إيلي الفرزلي
المادة السابقةحب الله: لن نقبل الإحتكار وسنحاربه وفتح باب استيراد الترابة لكن يكون على حساب المواطنين
المقالة القادمةرفع الدعم عن القطاع الزراعي: سقوط آخر أعمدة الإنتاج