منصّات vs «بونات»: كيف «تختفي» طوابير البنزين؟

«من تحت الدلفة لتحت المزراب»، يتنقّل المُقيمون في لبنان بين الطوابير التي «تُفرّخ» كل يوم. بعد طوابير محطات البنزين، «نشأت» أخيراً طوابير الحصول على «بونات» للبنزين أمام عدد من البلديات التي عمدت إلى عقد اتفاقيات مع أصحاب هذه المحطات لتوزيع «بونات» على السكان في نطاقها العقاري.

هذا الإجراء هدفه تنظيم الطابور وتحجيمه، إلا أنه لم يسلم بدوره من «متلازمة» الفوضى التي ترافق الازدحام في الطوابير. من هنا، كانت مبادرة الأخوين علاء ومحمد قبيسي، من بلدة أنصار الجنوبية، بإنشاء منصة إلكترونية لحجز موعد لتعبئة البنزين في محطات البلدة لـ«التخلص من الزحمة» وهو ما يتوقعانه ««بسبب دقّة الموعد والوقت المتاح لكل تعبئة». يرى الأخوان قبيسي أن المنصة، في حال ألزمت البلدية المحطات باعتمادها، «ستفتح الباب أمام منع التخزين».

منصة الأخوين قبيسي سبقتها منصات أُنشئت للغرض نفسه في بلدات مختلفة، واعتمدت أساساً على «غوغل فورم»، وفق المبرمج علاء قبيسي، لافتاً إلى أن هذا الأمر «يتطلّب متابعة بشرية لكل فرد يستخدم المنصة»، أما في حالة المنصة الأخوين، فإنها «تسمح للمقيم في البلدة بحجز موعد للسيارة باستخدام رقم اللوحة والاسم، وهي تعطي خاصية التمييز بين السيارات العمومية والخصوصية، إضافة إلى فعّالية أكبر في حال عمّمت على المناطق ما يمنع أي شخص من تعبئة سيارته في أكثر من منطقة. كما أن البلديات والمحطات ستكون قادرة على برمجة أوقات فتح المحطات وتنظيم عدد مرات التعبئة للسيارات بحسب الكميات الموجودة في الخزانات».

في المقابل، يتطلب نجاح خطة القضاء على الطوابير التزام المُقيمين بجملة من «الإرشادات» تتمثل، وفق عدد من المتطوعين في بلدات جنوبية انتقلت إليها «عدوى» المنصة، بعدم الوقوف الى جانب المحطة قبل الموعد المحدد بأكثر من 10 دقائق، تحت طائلة الامتناع عن تزويده بالوقود.

ورغم ترحيب غالبية البلديات بمثل هذه المبادرات وتعاون بعضها، إلا أن ثمّة تحديات تجعل بعضها تفضّل توزيع «البونات». بلدية النبطية «أبدت استعدادها لاعتماد المشروع، ولكن بعد دراسته تبيّن أنه يتطلب أسابيع قبل أن يعمل بشكل منتظم»، على ما يؤكد عضو البلدية محمد جابر لـ«الأخبار». وأوضح أن اعتماد المنصة «يتم في إطار حصر التعبئة بسيارات المقيمين في المنطقة والمسجّلين فيها. وفي حالة النبطية، لدينا أكثر من 75 ألف نسمة وأكثر من 34 ألف سيارة، ما يتطلب عملاً وطاقة بشرية لإدخال الأرقام إلى المنصة وحصر الحجوزات بهذه الأرقام». وعليه المنصة «عاجزة» عن اعتمادها كوسيلة وحيدة، بل يمكن اعتمادها «إلى جانب طرق أكثر سرعة تلبي احتياجات الحالة الطارئة كبيع البونات في البلدية لمنع التعاملات المالية مع عمّال المحطة، ما يمنع التعبئة لغير حاملي البون».

ماذا عن طوابير «البونات»؟ اعتمدت بلدية النبطية آلية تقوم على دورة من 10 أيام حسب الرقم الذي تنتهي به لوحة السيارة، وتعطي كل مستفيد 23 ليتراً من البنزين (150 ألف ليرة وفق السعر الجديد)». لكنّ هذه الآلية معتمدة حالياً في محطة واحدة من أصل 11 في النبطية، «أي أنّك، كمواطن، لن تتخلص من الطوابير بل ستضمن حقك في التعبئة فقط، مع يوم كامل من الانتظار» يقول أحد مبرمجي المنصات الإلكترونية مدافعاً عن أهمية المنصة كحل أفضل. وبعيداً من «الصراع» بين مناصري «البونات» والمنصات، تبقى العبرة في التنفيذ وفي تعميم الوسائل التي من شأنها أن تخفّف الذل الذي يرافق الطوابير.

مصدرجريدة الأخبار - حنين رباح
المادة السابقةموظفو المصارف والمستشفيات ضحايا حرب الـ«كارتيلين»!
المقالة القادمة«الاتحاد الأوروبي» يُزيل لبنان من قائمة الدول الآمنة صحياً للسفر