موازنة “العام الثالث على الإفلاس” بريئة من “دم” الانهيار

حضر الوزراء جلسة مناقشة مشروع الموازنة، وظلت الاصلاحات والرؤية الاقتصادية الغائبين الأكبرين عن طاولة الحكومة. على شاكلة الموازنات التي سبقتها تضمنت الموازنة عدداً كبيراً من “فرسان الموازنة “cavaliers budgétaires”، بما تمثل من مواد خارجة عن نطاق الموازنة، نصت على تعديلات ضريبية في إطار القوانين الخاصة موضع التعديل.

بعيداً من الأرقام التي قد يكون جرى تخفيضها قياساً على السنوات الماضية، فان “منطق إعداد الموازنة لم يحاكِ حالة الافلاس”، من وجهة نظر البروفسور دياب، و”بما أن إفلاس الدول يفترض إعادة إحيائها وليس تصفيتها، فانه كان يتوجب على الموازنة الأخذ في عين الاعتبار النقاط التالية:

– وضع برنامج لاعادة تنشيط الاقتصاد ووضعه على سكة النمو. وكان يمكن لمعدي الموازنة الاستلهام بتقرير “رؤية اقتصادية للبنان” الذي أعدته شركة “ماكينزي” والمنشور بقرار وزاري تحت الرقم 1369/2017.

– تصغير حجم القطاع العام على قاعدة التمييز بين القلة المنتجة والأكثرية غير المنتجة، والتي تشكل عبئاً على الموازنة من جهة، وعلى الأفراد والقطاع الخاص الذي يتحمل الضرائب من الجهة الثانية.

– عدم دفع المساعدات الاستثنائية لكل موظفي القطاع العام. ولا سيما في ظل ما فرضته الأزمة الاقتصادية والصحية المتمثلة بجائحة كوفيد 19 من تعطيل قسري ادى إلى تراجع هائل بانتاجية القطاع العام وموظفيه.

– تأجيل الرفع الحتمي للضرائب والرسوم، بانتظار تأمين إطار متكامل ووجود برنامج لاعادة إحياء الاقتصاد.

إنطلاقاً مما تقدم، يقول البروفسور دياب إن “الأولوية كان يجب أن تعطى لتحفيز الاقتصاد على النمو، وليس إرهاقه بالمزيد من الضرائب والرسوم المباشرة وغير المباشرة.

المخالفات التي يتضمنها مشروع موازنة 2022 لن تشكل بحسب توقعات البعض عائقاً امام تمريره في مجلس الوزراء وحتى التصويت عليه في مجلس النواب. فالجدل الذي سيطبع المناقشات في البرلمان سيكون سياسياً أكثر منه قانونياً أو حتى اقتصادياً. ولا سيما أن الحكومة المعدة للمشروع تمثل مجلس النواب. وعليه لا ننتظر أي مفاجأة تغير المعادلة.

أما المادة 109 من مشروع الموازنة، فيقول البروفسور دياب إنها “خطيرة لانها تمنح وزير المالية منفرداً حق تعديل الشطور والنسب المتعلقة بالضرائب والرسوم، وهذا ما يخالف المادة 82 من الدستور التي تعتبر أن مسألة الضرائب هي سيادية بامتياز وتحصر حق التعامل بها بمجلس النواب. وإذا اعتبرنا أن لمجلس النواب سلطة توكيل بعض صلاحياته للسلطة التنفيذية، فهذا يكون لصالح مجلس الوزراء مجتمعاً وليس لوزير منفرد، خاصة في مسألة سيادية كهذه”.

المواد الـ138 التي تشكل ما يعرف بـ فرسان الموازنة في مشروع موازنة 2022 لا تشكل منطلقاً للطعن من حيث مخالفتها لقانون الموازنة فحسب، إنما أيضاً لتضمنها مواد تتيح الاستنسابية ومعاملة المكلفين على قواعد مختلفة لا تحترم العدالة والمساواة. هذا بالاضافة إلى كل ما تتركه من آثار إنكماشية على الوضع الاقتصادي وتعميق الازمة.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةأزمة تصدير الموز إلى سوريا تنتظر اتصالات حمية
المقالة القادمةعرض الموازنة