قرّرت الحكومة ومصرف لبنان ووزارة المال لجم تدهور سعر الليرة. كيف؟ شرح «المركزي» خطّته ببيان يتداخل فيه أمران: ضخّ الدولارات في السوق وبيعها على سعر «صيرفة» لامتصاص الكتلة النقدية بالليرة، وإجبار تسديد القروض التجارية بالدولار، بسعر 8000 ليرة. ويعتقد الثلاثة أن الخطوة الأولى التي عمل بها مؤقتاً لهذا الشهر، ستجفّف الليرات من السوق في مقابل ضخّ الدولارات إليه، أي التلاعب بالعرض والطلب ظرفياً، بما يؤدي إلى خفض سعر الدولار في السوق الحرّة، على أن ينعكس ذلك على سعر منصّة «صيرفة» الذي بلغ أمس 23 ألف ليرة لكل دولار. أما الخطوة الثانية، في اعتقاد الثلاثة، فتهدف إلى المزيد من امتصاص الكتلة النقدية بالليرة، رغم أن مفاعيلها ستكون هائلة لجهة زيادة كلفة تسديد القروض التجارية وانعكاسها على أسعار السلع. أتى هذا البيان بتضامن حكومي مع الحاكم في إطار هدف واحد: دهس المجتمع وإذلاله أكثر لإجباره على الخضوع أكثر مما هو خاضع.
لكن ما هو أخطر من ذلك، أن الخطوتين تحفّزان المزيد من ارتفاع الأسعار، سواء لجهة ارتفاع كلفة الحصول على النقد الورقي بالليرة، أو لجهة شراء السلع الأساسية. وبالتالي فإن قرارات كهذه ستؤدي حكماً إلى زيادة حدّة الركود التضخمي، فأسعار السلع ستتضخم أكثر وسط ركود اقتصادي كارثي.
في العادة يكون الأثر معاكساً، أي أن سعر الصرف يتأثّر بالعوامل السياسية ويرتفع أو ينخفض تزامناً مع الاستقرار السياسي أو انعدام اليقين السياسي. لكن في الحالة الراهنة، يبدو أن سعر الصرف تحوّل إلى أداة سياسية سيكون لها اليد الطولى في رسم معالم المرحلة المقبلة لجهة توزيع الخسائر على أبواب الانتخابات النيابية.