نصف لبنان يريد الهجرة!

في أحدث استطلاع أجراه “الباروميتر العربي”، وهو مؤسسة تمتلك أكبر مستودع للبيانات المتاحة في متناول العامة حول آراء المواطنين في الدول العربية، أظهر مدى اليأس السياسي والاقتصادي الذي يهيمن على لبنان. فقد عبّرت نتيجة الاستطلاع عن رغبة نصف اللبنانيين بالخروج من البلاد.

يقول الاستطلاع: اللبنانيون هم الأكثر تشاؤماً إزاء مستقبل بلدهم الاقتصادي من بين جميع الدول المشمولة بالدورة السادسة من الباروميتر العربي بين 2020 وربيع 2021. من بين كل الشواغل الاقتصادية، فإن ارتفاع تكاليف المعيشة هو التحدي الأكبر. ومن غير المستغرب ً أن نحو نصف المواطنين (48 في المئة) يسعون لمغادرة بلدهم بحثاً عن فرص أفضل بالخارج. لكن لدى سؤالهم عن السبب الرئيسي للرغبة في الهجرة، تبين من ردود المواطنين أن الأوضاع الاقتصادية (7 في المئة) ليست السبب الرئيسي. إنما الدافع الأكثر شيوعاً كان الفساد (44 بالمئة)، ثم الاعتبارات الأمنية (29 في المئة) وأسباب سياسية (22 في المئة). ما يعني أن المواطنين لديهم قدر أكبر من الإحباط إزاء النظام السياسي، حيث أدت الأزمة السياسية إلى الأزمة المالية.

وخلافاً لأغلب الدول المشمولة بالاستطلاع، لم يظهر اختلاف يذكر بين الجنسين فيما يخص الرغبة في الهجرة، حيث 49 بالمئة من الرجال و46 بالمائة من النساء يرغبون في مغادرة بلادهم. لكن الثلثين تقريباً (63 في المائة) هم من الشباب بين 18 و29 عاماً يرغبون في الهجرة. والأرجح أن السبب هو انعدام الأمل في مستقبلهم داخل لبنان. كما أن لبنان معرض لخطر هجرة العقول، إذ أن 61 بالمئة ممن لديهم شهادات جامعية يرغبون في الهجرة، مقارنة بـ37 في المئة ممن حصلوا فقط على تعليم ثانوي أو أقل.

على أي حال، دفعت الأزمة الاقتصادية الخانقة حوالى 80 في المائة من المواطنين نحو الفقر، ما أدى إلى ارتفاع كبير في معدلات الهجرة، بما في ذلك الهجرة غير الشرعية عبر الطرق البحرية المحفوفة بالمخاطر. في خريف 2018، عبّر 26 في المئة من اللبنانيين عن رغبتهم في مغادرة البلاد. وسأل الباروميتر العربي المواطنين اللبنانيين الذين قالوا إنهم يفكرون في الهجرة، عما إذا كانوا يفكرون في مغادرة البلاد حتى إن لم تكن لديهم الوثائق المطلوبة للسماح لهم بذلك. قال 12 في المئة من المهاجرين المحتملين في لبنان إنهم على استعداد لمغادرة البلاد حتى من دون الوثائق المناسبة، مع وجود فارق طفيف لصالح الرجال مقارنة بالنساء (14 في المئة مقارنة بِـ9 في المئة على التوالي).

في المحصلة، يبدو أن لبنان مصاب بنزيف بشري نوعي: الشباب، وأصحاب الشهادات والكفاءات. وهذا ما يهدد أسس الاجتماع اللبناني.

مصدرالمدن
المادة السابقةالدين العام الفعلي: أقل من 42 مليار دولار
المقالة القادمةاستياء دولي من عجز المسؤولين في الحكومة اللبنانية بالالتزام بتعهداتهم ووعودهم