هذا ما ينتظر الموازنة في ساحة النجمة

 

 

مواصفات كثيرة أعطيت لموازنة 2019 الخارجة من قصر بعبدا للمناقشة في مجلس النواب بين من اعتبرها موازنة أفضل الممكن وبين من رأى فيها موازنة لا تراعي المستوى المطلوب من التقشف والإصلاح، فاعتُبرت مرّة موازنة “محاسبجية” استناداً لتضمّنها أرقاماً أو موازنة بنكهة المعسّل كونها شملت ضريبة الالف على الأرغيلة فيما ذهب البعض إلى حدّ التخوّف وتشبيهها بالضريبة على القيمة المضافة .

ومع ذلك خرج مشروع الموازنة من السراي إلى بعبدا سليماً معافى كما دخل إليها من دون تعديلات، لكن الموازنة المنجزة لم تسلم بعد من الانتقادات لخلوّها من الإصلاحات الأساسية وعدم وضوح الرؤية حول جدوى الرسوم والضرائب .

لا يختلف اثنان بأن الضغوط السياسية كانت العامل الأكبر في إنجاز موازنة 2019 إضافة إلى السعي لإرضاء المجتمع الدولي والدول المانحة لتسييل أموال “سيدر” والبدء بالإصلاح الاقتصادي والمالي، لكن هذا لا يحجب فكرة أن الموازنة لا تحظى برضى كل الأفرقاء وكان واضحاً من السجالات التي خيضت تحت عنوان الموازنة أن هناك إجماعاً على رفض عملية تهريب بنود اصلاحية عدّة بتصنيفها بنود ملغومة، وقد سجّلت غالبية القوى السياسية تحفّظات لها واعتراضات.

فـ “حزب الله” خاض معركة عدم المسّ برواتب القطاع العام وتخفيضات المتقاعدين، وقدّمت “القوات اللبنانية” رؤية اقتصادية شاملة وكان لها تحفّظات على مسألة الأملاك البحرية والمرافق العامة وفي قضايا التهرّب الجمركي، فيما طالب “الحزب التقدمي الاشتراكي” برفع التخمينات على الأملاك البحرية وخفض رواتب الرؤساء والنواب والوزراء فيما كان “للتيار الوطني الحر” ورقة اقتصادية من بنود كثيرة مع تحفّظات على زيادة الإنفاق واستمرار المساهمات غير المبرّرة للجمعيات وتركّزت اهتمامات وزرائه على عدّة محاور، لإجراء مسح شامل لأملاك الدولة وإصلاح النظام الضرائبي وإنشاء نظام نقل وتشييد المباني الحكومية، وقد بدا واضحاً في اجتماعات الحكومة أن الرئيس سعد الحريري سعى لتحييد المصارف وحماية النظام المصرفي فيما كان واضحاً وفق وزراء شاركوا في جلسة بعبدا الأخيرة أن رئيس الجمهورية كان ميالاً لمطالب العسكريين وحماية المؤسسة العسكرية.

وخلاصة الجلسات العشرين ظهر أن الموازنة لم تعجب أحداً كما أن هناك عدم تجانس بين المكوّنات الحكومية في مقاربة الملفات الاقتصادية وأظهرت اجتماعات مجلس الوزراء فقدان التضامن الحكومي وممارسة كل فريق ضغوط لتنال وزارته حصص أكبر وقد تحوّلت طاولة الحكومة إلى منبر لتصفية الخلافات والنكايات ووزارات تتنافس في ما بينها لمصالح وغايات سياسية.

هذا المشهد هو مرشّح للانتقال إلى مجلس النواب الذي يتوقّع أن يشهد نقاشات حادّة في شأن بنود الموازنة ستصل إلى تعديل بنود كثيرة وإضافات أخرى، حيث يتحضّر نواب المعارضة ومن لم تعجبهم إصلاحات الموازنة للإنتقال إلى مجلس النواب، وحيث تلقّى الموازنة اعتراضات قوية في الهيئة العام وفي الشارع الذي سيتظاهر في ساحة النجمة، والمرجّح أن تكون المناقشة هي الحدث المقبل ومنقولة على الهواء مباشرة حيث ستكثر العراضات والمزايدات بخلاف طاولة الحكومة التي وصفت جلساتها بالسرية مع تكرار مشهد المظاهرات وتحرّك الشارع.

بواسطةمروى غاوي
مصدرليبانون فايلز
المادة السابقةثورة جديدة في تاريخ الكتابة
المقالة القادمةإزالة تعدّيات الكهرباء لخفض الهدر لا لمحاضر الضبط