هكذا يزيد منصوري الاحتياطي: نحو حل قضيّة المودعين؟

لم يكن يتوقع أحد في لبنان ان يستقر سعر الليرة امام الدولار، خصوصاً ان خبراء واساتذة جامعيين متخصصين في علم وقانون المصارف الماليّة توقعوا منذ ما قبل استلام حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري مهامه في مطلع اب الماضي ان “يطير” الدولار مقابل سعر صرف الليرة اللبنانية. لكن الشهور الستة التي امضاها حتى الآن في حاكمية المصرف المركزي ثبّتت حُسن أداء الحاكم بالإنابة، ليتجاوز الأمر الاستقرار النقدي الى حدود زيادة الاحتياطي بالدولار(بلغ 750 مليون دولار في خمسة اشهر).

كيف ذلك؟ لماذا لم يتوقّع خبراء المال والمصارف نجاح منصوري في تحقيق انجاز الجمع والزيادة؟.

تبدو القصة تنطلق اولاً من قاعدة الشفافية التي استند اليها الحاكم بالإنابة، ووقف الهدر جرّاء تمويل الدولة، الذي فرضه منصوري منذ استلامه الحاكميّة.

لا يعني وقف هذا التمويل عدم اعطاء الوزارات حقوقها الماليّة، بل هو حصر مصاريف كل وزارة في اطار ميزانيتها. وعليه، باتت حسابات الوزارات مقوننة يتم صرف الاموال على اساسها. لذا، فإن المتعهدين والمقاولين وشركات الخدمات المتعاقدين مع وزارات الدولة يتقاضون مستحقاتهم تدريجياً.

وفّرت هذه الخطوة على ماليّة الدولة اعباء كبيرة، وأجبرت الوزارات على تحصيل مستحقاتها الضرائبيّة من كبار الشركات والحدّ من التهرّب الجمركي، مما ساهم في توفير مبالغ ضخمة، أُضيفت إلى واردات الدولة بالدولار من المرفأ والمطار وغيرهما. لكن المبالغ الاساسيّة جاءت جرّاء شراء الدولار من السوق تدريجياً، بصورة مدروسة وضمن مسار محدّد.

يعود نجاح منصوري في هذه الخطوة الى اعتماده بشكل اساسي على خطة تقضي بدفع رواتب الموظفين بالعملة الخضراء، مما ادى الى عدم الضغط على الليرة، ومراقبة السوق بشكل مستمر لعدم السماح للمضاربين باللعب بسعر الليرة، مستنداً إلى مؤازرة القوى الامنيّة في توقيف ايّ مضارب يخلّ بالاستقرار. وهي عمليّة تجري بصمت ومن دون ضجيج.

واذا استمر منصوري في مساره، يُتوقع ان يرتفع الاحتياطي، ليتجاوز مليار دولار قبل نهاية شباط المقبل، كما كشفت “النشرة” منذ أيّام قليلة.

وبحسب المطّلعين فإن تلك الارقام تسهّل عمليات زيادة رواتب القطاع العام التي تقرها الحكومة، لتبقى بالدولار، مما يعزز ثبات الاستقرار النقدي.

تبقى العين على مجلس النواب الذي يُنتظر منه اقرار الاصلاح المالي، ومن ضمنه “الكابيتال كونترول” واعادة هيكلة المصارف، في مسار بت قضية المودعين.

واذا كان خبراء يطالبون نظرياً منصوري بإصدار تعاميم بشأن الايداعات، فلا يبدو ان الحاكم بالإنابة سيتّجه الى تدابير لا تُنصف المودعين، او تضرّ بالقطاع المصرفي الذي صار لزاماً ان يتموضع لمواكبة الحاكميّة في اجراءاتها. فكل المؤشّرات تؤكّد ان حاكم مصرف لبنان بالانابة يدفع بإتجاه حلول جذرية تشريعيّة اصلاحية، وليس تدابير موضعيّة عابرة تزيد من عمق الازمة المالية.

وبحسب المعلومات فإنّ حلولاً تلوح في الافق قبل نهاية آذار المقبل، نتيجة اصرار الحاكم بالإنابة على حلّ قضية المودعين واعادة اطلاق القطاع المصرفي في لبنان.

مصدرالنشرة
المادة السابقةارتفاع أسعار الذهب مع تراجع الدولار وتوقعات خفض أسعار الفائدة
المقالة القادمةربط السحوبات بسعر الصرف الرسمي: محاولة خبيثة لضرب الودائع