هل يصبح لبنان قبيلة بدائية خارج الحضارة؟

خوف مبرّر يقفز الى الواجهة مع كل حديث عن رفع للدعم، ماذا يكون مصير الانترنت حينها وهل يبقى لبنان قادراً على دفع ما يتوجب عليه الى الخارج لتأمينه؟ ففي معظم الدول يعتبر الانترنت أولوية مثل الأكل والشرب والأدوية والمحروقات ولكن إذا كنّا في لبنان نعاني في تأمين هذه المواد الأساسية فهل يمكن التفكير بالإنترنت؟

بداية سألنا المستشار في أمن المعلومات والتحوّل الرقمي رولان ابي نجم كيف تتم عملية استجرار الإنترنت الى لبنان، فشرح لنا أنه يتم عبر كابل بحري يؤمن وصل لبنان بالشبكة العنكبوتية و تدفع الدولة اللبنانية كلفته بالدولار، وهو يصل عبر أوجيرو وهي المزود الأوحد لهذه الخدمة التي تقوم بدورها بتوزيعها في لبنان مباشرة او عبر شركات الاتصالات وشركات تقديم الخدمات ويمنع على أي كان استجرار الانترنت بطريقة غير شرعية عبر الساتيلايت.

شركات الخدمات والاتصالات ومراكز توزيع الإنترنت بحاجة بدورها الى أجهزة وتمديدات وصيانة كلفتها كلها بالدولار. وفي حين ان المواطن يدفع الفاتورة بالليرة اللبنانية على السعر الرسمي فإن التكلفة بالدولار توازي عشرة اضعاف التعرفة. و إذا اراد هؤلاء الموازاة بين سعر الصرف والتعرفة فيجب ان ترتفع هذه الأخيرة الى 300000 او 400000 ليرة، أما في حال لم تتمكن الشركات من صيانة أبراجها أو معداتها فقد يتوقف الانترنت في المناطق التي تفتقر للصيانة.

ويضيف أبي نجم أن الكهرباء التي هدد وزير الطاقة بانقطاعها والوصول الى عتمة شاملة تعني أيضاً إمكانية توقف الانترنت إن لم تتواجد كميات المازوت الكافية لتشغيل المولدات.

إذا نظرنا الى هذه العناصر مجتمعة نرى بوضوح ان قطاع الانترنت في لبنان في ورطة، وان اوجيرو ليس لها سيطرة على اي منها. فإن لم يكن لدى الهيئة الأموال لتحويلها الى المورّد الخارجي وإذا لم يكن مصرف لبنان قادراً على تحويل الدولارات الى مقدمي الخدمات والمورّدين في الخارج، أو إذا أوقف الدعم فهذا يعني ان لبنان لم يعد قادراً على شبك نفسه بشبكة الانترنت العالمية وأن اوجيرو لا يعود بإمكانها الحصول على قطع الغيار أو المعدات اللازمة للقيام بعملها.

نحاول أن نسأل المدير العام عن الحلول الممكنة التي تجنب القطاع التقهقر او حتى التوقف؟ الحل الأوحد مالي يقضي بأن يقر مجلس النواب زيادة في الاعتمادات بالليرة اللبنانية لموازنة وزارة الاتصالات وهيئة أوجيرو حتى تستطيع هذه الأخيرة شراء الدولار من السوق لاستيراد البضائع المطلوبة لاستمرارية خدماتها.

نحاول أن نسأل عن دور القطاع الخاص اي شركتي الاتصالات Touch و Alfa ومقدمي الخدمات مثل IDM و CYBERIA و مثيلاتهما وإن كان بإمكان هذه الشركات تقديم العون المالي الى أوجيرو، لكن يبدو ان الجميع غارق في المغطس المالي نفسه وقد تصل كلها الى مكان لا تعود قادرة فيه على الاستمرار وتقديم خدماتها كما يجب، فالشركات بالرغم من كونها تدفع لأوجيرو بالليرة اللبنانية إلا أن كلفة التشغيل والصيانة وشراء المعدات تدفع بالدولار فيما التعرفة على حالها.

لكن في المقابل يمكن لأوجيرو أن تتقبل هبة من الدول الصديقة وهذا ما يحاول مديرها العام العمل عليه. و بشفافية كبيرة يقول لـ”نداء الوطن” نحن لا نطلب مبالغ مالية من الدول الصديقة التي توجهنا إليها عبر سفاراتها، لا سيما أن العين حمراء تجاهنا وكل ما نقوم به غالباً ما يكون تحت نار الاستهداف السياسي، بل نسعى للحصول على مساعدات عينية ومعدات على أنواعها وقطع غيار تساعدنا على الاستمرار بتقديم خدماتنا بالنوعية المطلوبة.

مصدرنداء الوطن - زيزي إسطفان
المادة السابقةبين مصادر تمويل الدولة واحتياطي مصرف لبنان… هل دقّت ساعة “الدعم”؟
المقالة القادمةالبطاقة التمويلية: ورقة الأحزاب الانتخابية