وزارتا المال والإقتصاد تتخبّطان في الدولرة وحساب الـ TVA

فئة جديدة من الصيارفة غير المرخصين ستنضم قريباً الى سوق الصيرفة، مع بدء السوبرماركت التسعير بالدولار، في ظلّ غموض الآلية المعتمدة للتسعير خصوصاً لجهة تحديد سعر الصرف اليومي الذي يستحيل توحيده بين كافة التجار، او اعتماد سعر صرف واحد فقط طوال اليوم، لان التقلبات التي يشهدها تتواصل على عدد الساعات وحتّى الدقائق في بعض الايام الشديدة التقلب!

وإذا كان الاقتصاد المدولر في لبنان، عاد بسبب الازمة المالية منذ العام 2019 الى اعتماد التسعير بالليرة اللبنانية، فانه في الفترة الاخيرة لم يعد قادراً على مجاراة تقلبات سعر الصرف.

فبدأ التجار واحداً تلو الآخر، ولو بشكل غير قانوني، التسعير بالدولار من جديد، وتقاضي الفواتير بالليرة وفقاً لسعر الصرف اليومي في السوق السوداء، مع الاشارة الى انه بغياب أي سعر رسمي يمكن اعتماده للسوق السوداء، عمّت فوضى احتساب سعر الصرف واصبح لكل تاجر منصته الخاصة، غير آبه لسعر منصة صيرفة التي أنشأها مصرف لبنان لهذا الغرض، او حتى للسعر المحدد في التطبيقات الالكترونية. فأصبح «الشاطر بشطارتو» يزيد 2000 ليرة او 3000 ليرة على سعر الصرف الرائج تحسّباً لأي تقلبات قد تطرأ على السوق السوداء.

فوضى ضريبة القيمة المضافة

أما بالنسبة لاحتساب سعر الضريبة على القيمة المضافة، فهنا تكمن الفوضى الاكبر حيث انها لا تعتمد على آلية واضحة من قبل وزارة المالية المعنيّة بهذا الامر. ولغاية موعد اعلان مصرف لبنان تعديل سعر الصرف الرسمي المعتمد في المصارف من 1500 ليرة الى 15 ألف ليرة مقابل الدولار، كان التجار والشركات الكبرى المرخصة تحتسب الـضريبة على القمية المضافة TVA على الفواتير المسعرة بالدولار على الـ1500 ليرة، إلا ان غيرها من الشركات وتجار التجزئة غير المصرّح بها وعنها لدى وزارة المالية اعتمدت طريقة احتساب الضريبة بنسبة 11 في المئة من قيمة الفاتورة بعد تحويلها من الدولار الى الليرة على سعر صرف السوق السوداء.

على سبيل المثال، اصحاب المولدات الذين يتقاضون 11 في المئة من قيمة الفاتورة بالليرة كضريبة على القيمة المضافة (أي إذا كانت فاتورة المولد 6 ملايين تضاف اليها 660 ألف ليرة كضريبة على القيمة المضافة). وبما ان الجهات المعنية سمحت لاصحاب المولدات بتقاضي تلك الضريبة، إلا ان مافيا اصحاب المولدات تضم فئة كبيرة من الشركات غير المسجّلة لدى وزارة المالية، وبالتالي فان جزءاً كبيراً منها يتقاضى تلك الضريبة من دون اي متوجبات عليه للدولة.

وفي حال كانت بعض الشركات مسجّلة ومرخصة، فقد فُتح لها باب جديد للتهرب الضريبي وبنسب كبيرة، حيث ان التلاعب بعدد المشتركين وعدم التصريح فعلياً عن المداخيل الحقيقية، سيؤمن لاصحاب المولدات ارباحاً اضافية.

أين وزارة المال؟

ولكن بعد اعتماد مصرف لبنان سعر صرف الـ15 ألف ليرة، وعدم صدور أي مرسوم او قانون حول كيفية احتساب القيود المحاسبية ومنها الضريبة على القيمة المضافة من قبل وزارة المالية، عمّت فوضى احتساب الـTVA من جديد، مما استدعى نقابة خبراء المحاسبة المجازين لاصدار منشور الى الشركات، تقترح فيه اعتماد سعر الدولار للقيود المحاسبية الآجلة بالعملة الاجنبية على اساس 15000 ليرة للدولار الواحد، «علماً انه عليهم اعتماد سعر السوق الموازي للعمليات النقدية بالدولار الاميركي».

وقد قررت الشركات والتجار في ما بينهم تقاضي الضريبة على القيمة المضافة على اساس سعر صرف الـ15 ألف ليرة، على ان يتم اعادة تلك المبالغ المسددة الى الزبائن لاحقاً، في حال لم تعتمد وزارة المالية هذا السعر!

إستنسابية في التسعير

«هذه الخبصة» ستنتقل الى السوبرماركت قريباً، حيث صرّح مدير عام وزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر خلال اليومين الماضيين عن هواجسه من هذا الموضوع، رغم تأييده التسعير بالدولار ولكن مع آلية واضحة تحدد سعر صرف موحد يتم اعتماده يومياً، وهو أمر غير وارد تحقيقه بدقة، لافتاً الى ان التسعير بالدولار سيخلق استنسابية حيث انه يمكن لزبون أوّل ان يسدد فاتورته على سعر صرف معيّن، يليه زبون آخر على سعر صرف أعلى منه في غضون دقائق فقط، بالاضافة الى ان من سيسدد بالدولار نقدا قيمة فاتورته، سيدفع الضريبة على القيمة المضافة على سعر السوق الموازي وليس على الـ15 ألف ليرة، مما سيؤدي الى تحقيق التجار أرباحاً اضافية على مصلحة الزبائن، علماً ان وزارة المالية غائبة لغاية اليوم عن هذه المعضلة.

التطبيق يحتاج الى وقت

في هذا السياق، إعتبر نقيب اصحاب السوبرماركت نبيل فهد ان على وزارة الاقتصاد اصدار آلية تطبيق قرار التسعير بالدولار، ليبدأ التجار بدراسة كيفية تطبيقها وتعديل انظمتهم الالكترونية على اساسها، الامر الذي يحتاج الى الوقت لبدء اعتماده لانه معقد.

وكشف فهد لـ»نداء الوطن» عن هواجس متعددة حول هذا الموضوع، منها عدم امكانية اعتماد سعر موحّد لسعر الصرف، لأن التاجر يلجأ الى السوق السوداء لتأمين الدولارات وتسديد فواتيره للمستوردين، وبالتالي هو مضطر لاعتماد سعر الصرف الذي دفعه لشراء تلك الدولارات.

كما لفت الى ان تجار التجزئة يشترون جزءاً من السلع، كالخضار والفواكه والخبز والتبغ والتنباك بالليرة، وبالتالي كيف يمكن تسعير تلك المنتجات بالدولار؟ شارحاً ان السوبرماركت تتقاضى حالياً الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 11 في المئة من قيمة الفاتورة بالليرة.

مصدرنداء الوطن - رنى سعرتي
المادة السابقةدولار “صيرفة” لموظفي القطاع العام من جيوب المودعين… “المركزي” يلعب ادواراً لوزارتي المالية والشؤون الإجتماعية
المقالة القادمةجمعية المصارف تعلن الإضراب العام!