لا يبدو صحيحاً ما يشاع عن حالة من التوافق السياسي حول طرح الثقة برئيس بلدية المنية، إذ إن الأمور تتجه نحو مزيد من التأزم والتصعيد. ومن المتوقع أن تشهد جلسة طرح الثقة برئيس البلدية اليوم، مواجهة نارية ومصيرية بين الأعضاء المحسوبين على النائب كاظم الخير وبين من يدور في فلك تيار المستقبل، وهي ستعتبر المواجهة الثانية التي يخوضها الخير ضد حليفه السابق، تيار المستقبل، بعد الانتخابات النيابية عام 2018.
ثلاث سنوات مضت على انتخاب المجالس البلدية عام 2016. حينها، كانت الأطراف التي تتقاسم السلطة في القضاء، وعلى رأسها تيار المستقبل والنائب الخير، قد توصلت إلى تفاهمات عائلية تقضي بمداورة منصب رئيس البلدية بين الرئيس الحالي ظافر زريقة، ورئيس اتحاد بلديات المنية عماد مطر. إلا أن التبدلات والتغيرات السياسية التي وقعت في الانتخابات النيابية، دفعت العديد من الفرقاء إلى التخلي عن الاتفاق، والسعي إلى إيصال رسائل سياسية توضح تموضع كل فريق أمام جمهوره.
ما بات أكيداً، أن معركة رئاسة بلدية المنية لن تنتهي على خير. من المتوقع أن تشهد جلسة طرح الثقة انتخابات حامية بين أعضاء اللائحة الواحدة، بعيد انتهاء مفاعيل الاتفاق الذي رُسم حينها برعاية من المستقبل والخير. وفيما يبدو أنه لن يكتب للتوافقات أن تترجم بسلاسة وهدوء، بفعل الخلافات السياسية والشخصية والعائلية، من دون أن يتمكن أي فريق من أن يحدد اسم الرئيس المقبل، حتى إن مصير البلدية بات قاب قوسين أو أدنى من الانفراط.
فجأة بضربة قاضية، شهر نائب المستقبل السابق كاظم الخير أوراقه السياسية، وسارع في إجراء لقاءين: الأول مع رئيس البلدية الحالي ظافر زريقة، والثاني مع رئيس الاتحاد عماد مطر، وطرح على كل منهما ورقة تتضمن بنوداً، مشترطاً أن تكون من أولويات المجلس البلدي القادم. وتضمنت الورقة عدداً من الالتزامات، أبرزها:
«حل مشكلة النفايات التي تعاني منها المنطقة بفعل إقفال مكب عدوة منذ قرابة ثلاثة أشهر، رفض إنشاء معمل دير عمار،
رفض إنشاء محرقة ومكب نفايات في دير عمار، بالإضافة إلى محرقة للترسبات النفطية، وتشغيل معمل فرز النفايات في المنية».
وأعلن أن من يلتزم الورقة، سيحظى بدعمه في معركة انتخاب الرئيس، مشترطاً أن يُصدر المرشح بياناً يبين فيه للرأي العام التزامه العلني بها.
طرح الخير سرعان ما وافق عليه الرئيس الحالي زريقة، فيما رفض رئيس اتحاد بلديات المنية عماد مطر إعلان موافقته عليها قبل الانتخابات، وهو ما أفضى إلى تغيير في قواعد اللعبة، وأعاد التنافس إلى صندق الاقتراع بدل أن يكون محسوماً حسب ما يقضي الاتفاق لمصلحة مطر، وهو ما عُدَّ تحدياً لتيار المستقبل الذي أعلن منذ فترة أنه ملتزم الاتفاق وتسمية مطر للرئاسة.
كاظم الخير، في حديث لـ«الأخبار»، أكد أن «الجلسة غداً (اليوم) ستكون نارية، والهدف من هذه المواجهة ليس سياسياً. نحن نريد مواجهة المشاريع المشبوهة التي ترسم وتُعَدّ للمنطقة». وأكد الخير أن «ضغوطاً سياسية كبيرة يتعرض لها الأعضاء من قبل الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري، الذي يحاول جاهداً إقناعهم بعدم السماح لأعلام حزب الله بأن ترتفع على بلدية المنية، إذا صوتوا للمرشح المنافس لهم».
من جهته، يرفض النائب عثمان علم الدين كل ما يشاع عن ضغوط سياسية تمارس على أعضاء البلدية، وقال لـ«الأخبار»: «أتحدى أيّاً من الأعضاء أن يبرز أي تواصل معه أو ضغط عليه من قبل أحمد الحريري أو تيار المستقبل. نحن نترك خيار الجلسة للأعضاء، لكننا نتمنى تحييد المجلس البلدي عن الصراعات السياسية».
علم الدين أكد أنه لن يكون طرفاً في الانتخابات غداً، وهو لم يعطِ أي توجيهات لدعم أي طرف ضد الآخر، وقال: «كنا نتمنى أن يتم الالتزام بالعهد والوعود التي قطعت». وعن الورقة التي طرحها الخير، قال علم الدين: «هيدي ورقة للمتاجرة السياسية فقط»، متهماً الخير بأنه هو من أتى بهذه المشاريع إلى المنية. وأكد أن «مشروع المطمر المزمع إنشاؤه في دير عمار قد أوقف نهائياً، وإذا أعيد البحث به فسأقف بوجهه، ولو كنت وحيداً».
في ظل هذه المعمعة، يغيب كل من رئيس البلدية واتحاد البلديات عن السمع. وحاولت «الأخبار» التواصل معهما أكثر من مرة، لكن من دون جدوى.
لا يبدو أنّ ذيول ما يجري في المنية سترتدّ إيجاباً على المجلس البلدي وعمله، وهو ما سيدفع الأمور إلى مزيد من التعقيد، خصوصاً أنّ أي مرشح سيصل إلى رئاسة المجلس سيواجه معارضة الفريق الخصم.