يوم الخميس في 19 آب، أبلغت السفيرة الأميركية في بيروت دورثي شيا رئيس الجمهورية ميشال عون قراراً من الإدارة الأميركية بمتابعة مساعدة لبنان لاستجرار الطاقة الكهربائية من الأردن عبر سوريا، وذلك عن طريق توفير كميات من الغاز المصري الى عمّان، تمكنه من انتاج كميات إضافية من الكهرباء لوضعها على الشبكة التي تربط الأردن بلبنان عبر سوريا، بالإضافة إلى تسهيل نقل الغاز المصري عبر الأردن وسوريا وصولاً إلى شمال لبنان.
ما كشفت عنه السفيرة الأميركية أعاد إلى الواجهة مشروع خط الغاز العربي، الذي تم الإتفاق على إنشائه في العام 2000، والذي من المفترض أن يتولى نقل الغاز المصري إلى دول المشرق العربي ومنها إلى أوروبا بطول 1200 كلم. في العام 2003، تم تدشين المقطع الأول من الخط، الذي يربط مدينة العريش المصرية بالعقبة الأردنية، بينما في العام 2008 تم الانتهاء من استكمال مسار الخط داخل الأراضي السورية وصولاً إلى طرابلس في لبنان.
المشروع كان يستهدف ضم منتجين كبار، كالسعودية والعراق، والربط مع الشبكة الأوروبية عبر تركيا، إلا أن التطورات التي حصلت في المنطقة حالت دون أن يبصر النور، الأمر الذي يفتح الباب أمام طرح الكثير من التساؤلات، نظراً إلى أن خطوط إمداد الغاز نحو أوروبا هي جزء من صراع كبير على مستوى المنطقة، مع العلم أنه مع إنطلاق أحداث ما بات يعرف بـ”الربيع العربي”، تعرض هذا الخط إلى سلسلة من الإعتداءات، سواء داخل الأراضي المصرية أو السورية.
تشير مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية لوري هايتيان إلى أن الخط العربي هو إمتداد لمشروع ربط الدول العربية بمشروع تعاوني، يبدأ من مصر وصولاً إلى سوريا مروراً بالأردن، وتلفت إلى أنه كان هناك مشروعاً ليصل إلى تركيا، بينما لبنان يستفيد من خط يمتد من سوريا نحو دير عمار. وتوضح هايتيان أن الأساس اليوم هو أن الدولة اللبنانية تبحث عن تأمين الكهرباء بأسعار متدنّية بسبب الأزمة المالية التي تمر بها، وتلفت إلى أن الخطوة الأولى كانت الفيول العراقي أما الثانية فهي الغاز الذي هو أقل كلفة من الفيول، ومن أجل ذلك تم إحياء فكرة استيراد الغاز من مصر، لكنها تؤكد أن الخطوتين لا تحلان المشكلة وهناك اعتبارات سياسية وتقنية تؤخر الموضوع.
في السنوات الماضية، حصلت العديد من التطورات المرتبطة بإمدادات الغاز على مستوى المنطقة، إنطلاقاً من إعادة رسم خارطتها السياسية على ضوء أحداث “الربيع العربي”، بالإضافة إلى التحولات التي حصلت على مستوى التحالفات بين الدول، من دون تجاهل حضور الجانب الروسي في الساحة السورية، أبرزها قد يكون توقيع الدول المؤسسة لمنتدى غاز شرق المتوسط، من وجهة نظر الخبير في الشؤون التركية محمد نور الدين، المخطّطات بدأت في العام 2019 مع تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط، الذي يستهدف عزل تركيا كي لا تكون جزءاً من مشاريع إستخراج وتوزيع الغاز. بالتزامن، أساس أزمة أنقرة، التي تحتضن أراضيها خط غاز روسي نحو أوروبا، مع هذا المنتدى تكمن بولادة مشروع يستهدف مد الخط الذي يربط العريش المصرية بعسقلان في إسرائيل إلى قبرص، وبالتالي التخلي عن محطة ميناء جيهان التركي، الأمر الذي يعني تضرر مصالحها على نحو كبير.
هنا لا بد من الإشارة إلى مجموعة من الأحداث التي رافقت هذه المرحلة، أبرزها الدخول التركي على خط الأزمة الليبية، الذي قاد إلى توقيع إتفاقية ترسيم حدود بحرية بين الجانبين، تقطع طريق الانبوب الذي يمتد من اسرائيل إلى قبرص وصولاً إلى باقي دول القارة الأوروبية، بالتزامن مع إرتفاع وتيرة التصعيد بين أنقرة والإتحاد الأوروبي.