العوامل المساعدة موجودة لاعتماد الطاقة المتجدّدة في لبنان

في ظلّ أزمة الكهرباء التي نرزح تحتها، تكثر الطروحات حول مدى استفادة لبنان من الطاقة البديلة. وفي السياق نظّم ملتقى “حوار وعطاء بلا حدود”، ضمن سلسلة الندوات التي يقيمها، ندوة تحت عنوان “ترشيد استعمال الطاقة في زمن الإنهيار الاقتصادي وإمكانيات وفعالية استعمال الطاقة البديلة” عبر تطبيق Zoom، شارك فيها عدد من أهل الاختصاص والخبرة والمهتمين.

أدار الحوار “د. حسن حماده، وكانت مداخلات، استهلها منسق الملتقى طلال حمود، مرحّباً بالمشاركين والمحاضرين، وقال: “إن البشرية تواجه اليوم أكبر معضلتين في تاريخها، وهما التغيير المناخي والزيادة المطردة في عدد سكان الأرض. وانطلاقاً من هذا الواقع برزت الحاجة الملحة إلى التعاون الدولي من أجل تأمين استثمارات في توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة (هواء، شمس ومياه) وتكنولوجيا تخفض كلفة إنتاجها، مما يحد من انبعاث الغازات المسببة لإرتفاع درجة حرارة الأرض (الإحتباس الحراري). وأضاف: “ان الطاقة المتجددة تشكل “ثورة خضراء” في القرن الحالي وسيكون العقد المقبل عقد الطاقة المتجدّدة كما كان العقد الماضي “عقد الإنترنت”. وتابع:”أما في لبنان الذي يعتبر دولة نامية، فأزمة الطاقة تراكمية ومعقدة جداً، وتتجلى اليوم في عجز الدولة عن الإستمرار بسياسة الدعم وهي سياسة تأكّد فشلها منذ بداياتها”.

وأجرت المهندسة المتخصصة في أمور الطاقة ومنسقة مشروع ESMES مع الإتحاد الأوروبي ريم إيراني مداخلة تحت عنوان: “مصادر الطاقة البديلة ودورها في استراتيجيات ترشيد الاستخدام” واعتبرت أن خطط الطاقة البديلة بدأت فعلياً في لبنان سنة 2011 والتزمت الدولة بالوصول إلى 12 في المئة كمصدر للطاقة المتجددة من إجمالي مصادر الطاقة في لبنان في سنة 2020.

وتحدثت إيراني عن قسمة مشاريع الطاقة المتجددة بين مشاريع كبيرة وأخرى صغيرة وعن أهمية اعتماد الطاقة الشمسية اللامركزية كحل سريع، بديل، ومستدام لانتاج الكهرباء في المباني والوحدات السكنية.

كما نوهت إيراني بالطلب المتزايد وغير المسبوق من المنازل والمؤسسات على الطاقة الشمسية نظراً لأزمة الكهرباء، خاصة في ظل التقدم التكنولوجي في هذه المشاريع وتعدد الموردين، على ان يدقق المواطن في المعايير التقنية المتبعة ويتبع توجيهات وارشادات الاستعمال للاستفادة من النظام لفترة اطول. وختمت بالقول “ان لبنان يستطيع الاستفادة من هذه المصادر نظراً لتوفر العوامل المساعدة”.

رئيس الجمعية الاقتصادية اللبنانية وأستاذ إدارة الموارد في الجامعة الأميركية في بيروت البروفسور منير راشد، قدم مداخلة تحت عنوان “ترشيد المستوردات النفطية في ظل نضوب مصادر العملات الصعبة”. واعتبر راشد “أن التحدي الأبرز على المدى البعيد هو ترشيد استعمال الطاقة والاعتماد على الطاقة البديلة وأن أهم السبل للترشيد يكون من خلال التعرفة وكيفية اختيار نوع التدفئة والتكييف”. كما اعتبر أنه “يمكن إنتاج 1000 ميغاوات من دون كلفة على الخزينة من خلال إشراك الشركات الخاصة عبر مناقصات شفافة، وأن أرخص تكلفة لإنتاج الطاقة غير الطاقة البديلة هو الغاز الطبيعي”.

وأكد راشد أن “المولدات الخاصة ليست البديل وهي مكلفة ويجب استبدال المولدات الصغيرة بأخرى كبيرة، وهنا أؤكد أهمية تعديل القانون الحالي لجهة السماح للشركات والمؤسسات بتوليد الحد الأقصى من إنتاج الطاقة”. وختم راشد بتأكيد “أهمية التشجيع على استعمال النقل العام لما يوفر هذا الخيار من أكلاف استهلاك الطاقة”، وشدد على “أهمية التعاون مع القطاع الخاص للوصول إلى نقل عام متطور”.

الخبير الاقتصادي البروفسور بيار الخوري، قدم مداخلة بعنوان “استخدام التكنولوجيا في ترشيد استهلاك الطاقة”، ورأى أننا “نستطيع الاعتماد على التكنولوجيا لحل مشكلة طوابير الذل على محطات الوقود من خلال إنشاء منصة إلكترونية تساهم في الشفافية والمراقبة والمتابعة”. وشرح “أن عمل المنصة يبدأ من لحظة دخول وتفريغ البواخر، التوزيع على المحطات والبيع للأفراد”، معتبراً “أن هذه المنصة يمكن أن تساهم بالحد من عمليات التهريب والبيع في السوق السوداء، وأكد إننا مررننا بتجربة مماثلة في إستخدام التكنولوجيا من خلال منصة COVAX و IMPACT والأخيرة استخدمت خلال حظر التجوال. وأكد الخوري “أن رفع الدعم جزئياً او كلياً لن يؤدي إلى حل أزمة الطوابير نظراً لفارق الأسعار في حال الرفع الجزئي ولندرة متحصلات العملات الصعبة حتى في حال الرفع الكلي”.

وألقى أستاذ الإدارة العامة والحوكمة في كلية باريس للأعمال د. محي الدين الشحيمي، مداخلة تحت عنوان “حوكمة القطاع النفطي في لبنان من أجل نمو مستدام”. واعتبر أنه “لا بد من حوكمة القطاع النفطي في لبنان من أجل تحقيق نمو مستدام، وشخّص المشكلة في عدم التنظيم والعشوائية”.

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةلبنان يُفرّط بـ”ثروته” النفطية جنوباً بحجّة حماية السيادة الوطنية “المنخورة” شمالاً
المقالة القادمةسلام: لجنة رسمية للتفاوض مع صندوق النقد